إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله بن خليل الله

          3353- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ)‼ القطَّان قال: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ) _بضمِّ العين مُصغَّرًا_ ابن عمر بن حفص(1) بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ) المقبُريُّ (عَنْ أَبِيهِ) كيسان (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ : قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ) لم يُسَمَّ السَّائل (مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ) عند الله تعالى؟ (قَالَ) ╕ : (أَتْقَاهُمْ) أشدُّهم(2) تقوى (فَقَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ: فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللهِ ابْنُ نَبِيِّ اللهِ) يعقوب (ابْنِ نَبِيِّ اللهِ) إسحاق (ابْنِ خَلِيلِ اللهِ) إبراهيم أشرفهم، والجواب الأوَّل من جهة الشَّرف بالأعمال / الصَّالحة، والثَّاني من جهة الشَّرف بالنَّسب(3) الصَّالح، وسقط «ابن نبيِّ الله» الأخيرة في رواية أبي ذرٍّ (قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ) ╕ : (فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ) أي: أصولهم الَّتي يُنسَبون إليها ويتفاخرون بها (تَسْأَلُونَ؟) ولأبي ذرٍّ: ”تسألونني“ بنونين فتحتيَّةٍ، ولابن عساكر: ”تسألوني“ بإسقاط النُّون، وإنَّما جُعِلت معادن لِمَا فيها من الاستعدادات المتفاوتة، فمنها قابلةٌ لفيض الله تعالى على مراتب المعادن، ومنها غير قابلةٍ لها (خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلَامِ) جملةٌ مبيَّنةٌ بُعْد التَّفاوت الحاصل بعد فيض الله تعالى عليها(4) من العلم والحكمة، قال الله تعالى: {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}[البقرة:269] شبَّههم بالمعادن في كونها أوعيةً للجواهر النَّفيسة المعنيُّ بها في الإنسان، كونه أوعية العلوم والحكمة(5)، فالتَّفاوت في الجاهليَّة بحسب الأنساب وشرف الآباء وكرم الأصل، وفي الإسلام بحسب العلم والحكمة، فالشَّرف الأوَّل موروثٌ، والثَّاني مُكتَسبٌ، قاله الطِّيبيُّ، و«خيارهم»: يحتمل أن يكون جمع خيرٍ، وأن يكون «أفعل» التَّفضيل، تقول في الواحد: خيرٌ وأخير (إِذَا فَقُهُوا) بضمِّ القاف، من فَقُه يفقه إذا صار فقيهًا، كـ «ظَرُف»، ولأبي ذرٍّ: ”إذا فقِهوا“ بكسرها من(6) يفقَه _بالفتح_ بمعنى: فهم، فهو متعدٍّ، والمضموم القاف لازمٌ. قال أبو البقاء: وهو الجيِّد هنا، ثمَّ القسمة _كما في «الفتح»_ رباعيَّةٌ، فإنَّ الأفضل مَنْ جمع بين الشَّرف في الجاهليَّة والشَّرف في الإسلام، ثمَّ أرفعهم مرتبةً من أضاف إلى ذلك التَّفقُّه في الدِّين، ويقابل(7) ذلك من كان مشروفًا في الجاهليَّة واستمرَّ مشروفًا في الإسلام، فهذا أدنى المراتب. والثَّالث: من شَرُف في الإسلام وفَقُه ولم يكن شريفًا في الجاهليَّة، ودونه من كان كذلك لكنَّه لم يتفقَّه، والرَّابع: من كان شريفًا في الجاهليَّة ثمَّ صار مشروفًا في الإسلام، فهذا دون الَّذي قبله. انتهى. فالإيمان يرفع التَّفاوت المُعتَبر في الجاهليَّة، فإذا تحلَّى الرَّجل بالعلم والحكمة استجلب النَّسب الأصليَّ‼، فيجتمع شرف النَّسب مع شرف الحسب، ومفهومه: أنَّ الوضيع المسلم المتحلِّي بالعلم أرفع منزلةً من الشَّريف المسلم العاطل، وما أحسن ما قال الأحنف:
كلُّ عزٍّ إن(8) لم يُوطَّد بعلمٍ                      فإلى ذلٍّ ذات يومٍ يصير(9)
          وقال آخر(10):
وما الشَّـرفُ الموروثُ لا دَرَّ درُّه(11)                      لمحتسَبٍ إلَّا بآخر مكتسَب
          وقول(12) الآخر:
إنَّ السـَّريَّ إذا سرى فبنفسه                     وابنُ السَّـريِّ إذا سرى أسراهما
          (قَالَ أَبُو أُسَامَةَ) حمَّاد بن أسامة فيما وصله المؤلِّف في «قصَّة يوسف» [خ¦3383] (وَمُعْتَمِرٌ) هو ابن سليمان بن طَرخان فيما وصله في «قصَّة يعقوب» [خ¦3374] كلاهما (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ) العمريِّ السَّابق (عَنْ سَعِيدٍ) المقبُريِّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) فأسقطا: أبا سعيدٍ كيسان، فخالفا يحيى بن سعيدٍ القطَّان حيث قال: حدَّثنا عبيد الله قال: حدَّثني سعيد بن أبي سعيدٍ، عن(13) أبيه، عن أبي هريرة.


[1] «بن حفص»: ليس في (د).
[2] زيد في غير (د) و(م): «لله».
[3] في (ص): «بالمنصب».
[4] «عليها»: ليس في (د).
[5] «والحكمة»: ليس في (ص).
[6] «من»: مثبتٌ من (د) و(م).
[7] في (د): «ومقابل».
[8] «إن»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[9] في (ص) و(م): «ذلٍّ ما يصير إليه».
[10] في (م): «الآخر»، وليس في (ص).
[11] في (د) و(م): «إلَّا ذريرةٌ»، وفي (ص): «لا ردَّ ردُّه».
[12] في (د): «وقال».
[13] زيد في (د) و(م): «ابن هشامٍ البصريُّ» ولعلَّه سبق نظرٍ.