إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله: {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر}

          ░6م▒ (وَقَوْلِ اللهِ ╡) بالجرِّ عطفًا على السَّابق، ولغير أبي ذرٍّ وابن عساكر: ”باب قول الله / ╡“: ({وَأَمَّا عَادٌ}) عطفٌ على قوله تعالى: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ}[الحاقة:5] وأمَّا عادٌ ({فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ} شَدِيدَةٍ) أي: شديدة الصَّوت في الهبوب، لها صرصرةٌ، وقيل: باردةٌ ({عَاتِيَةٍ}: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ) في تفسيره: (عَتَتْ عَلَى الخُزَّانِ) وما خرج منها إلَّا مقدار الخاتم، وعند ابن أبي حاتمٍ عن عليٍّ ☺ قال: «لم ينزل الله شيئًا من الرِّيح إلَّا بوزنٍ على يد ملكٍ إلَّا يوم عادٍ، فإنَّه أذن لها دون الخُزَّان فعتت على(1) الخُزَّان»، أو المراد: عتت على عادٍ فلم يقدروا على ردِّها عنهم بقوٍَّة ولا حيلةٍ ({سَخَّرَهَا}) سلَّطها ({عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ}) قيل: كان أوَّلها الجمعة، وقيل: من صبيحة الأربعاء إلى غروب الأربعاء الآخر، وقال وهبٌ: العرب تسمِّيها أيَّام العجوز، لإتيانها في عجز الشِّتاء، وهي ذات بردٍ ورياحٍ شديدةٍ ({حُسُومًا}) أي: (مُتَتَابِعَةً) دائمةً، ليس لها فتورٌ ولا انقطاعٌ، من حسمتُ الدَّابَّة إذا تابعتُ بين كيِّها، أو نحساتٌ(2) حسمت كلَّ خيرٍ واستأصلته، أو قاطعاتٌ قطعت دابرهم ({فَتَرَى الْقَوْمَ}) إن كنت حاضرهم ({فِيهَا}) أي(3): في تلك الأيَّام واللَّيالي، أو في مهابِّها(4) ({صَرْعَى}): موتى، جمع صريعٍ ({كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}) أي: (أُصُولُهَا) وخاويةٍ، أي: متآكلةٍ أجوافها، شبَّههم بجذوع نخلٍ خاليةِ الأجواف ليس لها رؤوسٌ، وقيل: إنَّ الرِّيح أخرجت ما في بطونهم، وكانت تحمل الرَّجل فترفعه في الهواء، ثمَّ تلقيه فتشدخ رأسه فيصير جثَّةً بلا رأسٍ ({فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ}[الحاقة:6-8]) أي: من (بَقِيَّةٍ) أو من نفسٍ باقيةٍ، قيل: إنَّهم لمَّا أصبحوا موتى في اليوم الثَّامن _كما وصفهم الله تعالى_ حملتهم الرِّيح فألقتهم في البحر، فلم يبقَ منهم أحدٌ.


[1] في (ص): «عن».
[2] في (ب) و(س): «محسِّماتٌ».
[3] «أي»: مثبتٌ من (م).
[4] في (ص): «مهبَّاتها».