إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله: {واذكر في الكتاب موسى}

          ░21▒ هذا(1) (بابٌ) بالتَّنوين (قَولُ اللهِ) تعالى، سقط لفظ «باب» لأبي ذرٍّ، وثبت له ما بعده ({وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ}) القرآن ({مُوسَى}) هو ابن عمران بن لاهب(2) بن عازر(3) بن لاوي بن يعقوب ({إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا}) موحِّدًا، أخلص(4) عبادته من الشِّرك والرِّياء. قال الثَّوريُّ: عن عبد العزيز بن رُفَيْعٍ، عن أبي أُمامة: «قال الحواريُّون: يا روحَ الله أخبرنا عن المخلَص لله قال: الَّذي يعمل لله، لا يحبُّ أن يحمده النَّاس» ({وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا}) أرسله الله تعالى إلى قومه فأنبأهم عنه ({وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ}) صفةٌ، قيل: للطُّور، وقيل: للجانب، وقيل: لموسى، أي: من ناحية موسى، و{الطُّورِ}: جبلٌ بين مصر ومدين ({وَقَرَّبْنَاهُ}) تقريب تشريفٍ ({نَجِيًّا}) مناجيًا، حالٌ من أحد الضَّميرين، وهو معنى(5) قوله: (كَلَّمَهُ) وعند ابن جريرٍ عن ابن عبَّاسٍ ☻ : {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} قال: أُدنِيَ حتَّى سمع صريف القلم. انتهى. وصريف القلم: صوت جريانه بما يكتبه من أقضية الله ووحيه وما ينسخه من اللَّوح المحفوظ، وقال ابن كثيرٍ: صريف القلم بكتابة التَّوراة. وقال السُّدِّيُّ {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} قال: أُدخِل في السَّماء فكُلِّم ({وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا}) من أجل سَبْقِ رحمتنا وتقدير تخصيصه بالمواهب الدِّينيَّة والدُّنيويَّة ({أَخَاهُ}) أي: مؤازرته، إجابةً لدعوته حيث قال: {وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي}[طه:29] فإنَّه كان أسنَّ من موسى، فـ {مِن} ابتدائيَّةٌ، أو المعنى: ووهبنا له بعض رحمتنا. قال في «فتوح الغيب»: وهو الوجه لِمَا فيه من التَّنبيه على سعة رحمة الله تعالى، فإنَّ الأنبياء مع جلالتهم ورِفعَة منزلتهم مُنِحوا بعضًا منها، و{أَخَاهُ} مفعولٌ، أو بدلُ بعضٍ من كلٍّ، لأنَّ مؤازرته بأخيه بعض المذكورات ({هَارُونَ}) عطفُ بيانٍ له ({نَبِيًّا}[مريم:51-53]) حالٌ منه (يُقَالُ لِلْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ)(6) وسقط قوله: «{وَكَانَ رَسُولًا} إلى آخر قوله: {نَّبِيًّا (7)}» إلَّا قوله: «كَلَّمَهُ» لأبي ذرٍّ، وقال بعد قوله: {مُخْلَصًا}: ”إلى قوله: {نَجِيًّا (8)}[مريم:52]“ وزاد المُستملي بعد هذا: ”كلمةٌ“ يعني: نجيًّا ”تُقال للواحد والاثنين“ (وَالجَمِيعِ(9)) وزاد الكُشْميهَنيُّ بعد قوله: «يقال للواحد والاثنين والجميع»: ”نجيٌّ“ (وَيُقَالُ / : {خَلَصُواْ نَجِيًّا}[يوسف:80]) أي: (اعْتَزَلُوا نَجِيًّا) سقط لفظ «نجيًّا» لأبي ذرٍّ‼ (وَالجَمِيعُ(10) أَنْجِيَةٌ) يريد: أنَّ النَّجيَّ إذا أُريد به المفرد فقط يكون جمعه أنجيةً (يَتَنَاجَوْنَ).
          ({تَلَقَّفُ}[الأعراف:117]) في سورة الأعراف. قال أبو عبيدة: أي: (تَلَقَّمُ) بفتح التَّاء واللَّام والقاف المشدَّدة.


[1] «هذا»: ليس في (د).
[2] في (ب): «قاهث». وبهامشها قال الشيخ نصر الهوريني قوله: «قاهث بن لاوي» هذا هو الحق دون ما طبع أوّلًا.
[3] «بن عازر»: ليس في (ب).
[4] زيد في غير (د) و(م): «في».
[5] في (م): «مقتضى».
[6] «يقال للواحد والاثنين»: سقط من (د) و(م).
[7] في (د): «{رَسُولًا نَّبِيًّا...} إلى آخره».
[8] في غير (د) و(م): «نبيًّا».
[9] «والجميع»: سقط من (د).
[10] في (د): «والجمع».