إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة

          3350- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ) بن أبي أُوَيسٍ الأصبحيُّ، ابن أخت الإمام مالكٍ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثني“ كلاهما بالإفراد (أَخِي عَبْدُ الحَمِيدِ) أبو بكرٍ الأعشى بن أبي أُوَيسٍ (عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ) محمَّد بن عبد الرَّحمن (عَنْ سَعِيدٍ) بن أبي سعيدٍ(1) (المَقْبُرِيِّ) بضمِّ الموحَّدة (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ) سوادٌ كالدُّخان (وَغَبَرَةٌ) غبارٌ، وتقديم الظَّرف للاختصاص (فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ: لَا تَعْصِنِي؟) مجزومٌ على النَّهي بحذف حرف العلَّة (فَيَقُولُ أَبُوهُ: فَاليَوْمَ لَا أَعْصِيكَ فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ، إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَلَّا تُخْزِيَنِي) أي: لا تهينني ولا(2) تذلَّني (يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ) خزي (أَبِي) آزر (الأَبْعَدِ؟) من رحمة الله، وعبَّر بـ «أفعل» التَّفضيل؛ لأنَّ(3) الفاسق بعيدٌ، والكافر أبعد منه (فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: إِنِّي حَرَّمْتُ الجَنَّةَ عَلَى الكَافِرِينَ) أي: وإنَّ أباك كافرٌ، فهي حرامٌ عليه (ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: يَا إِبْرَاهِيمُ) انظر(4) (مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ؟ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُو بِذِيخٍ) بذالٍ وخاءٍ معجمتين بينهما / تحتيَّةٌ ساكنةٌ، ذَكَرُ ضَبُعٍ كثير الشَّعر، والأنثى: ذيخةٌ، والجمع ذُيُوخٌ وأَذْياخٌ وذِيَخَةٌ (مُلْتَطِخٍ) بالرَّجيع أو بالدَّم، صفةٌ لـ «ذيخٍ»، وعند الحاكم من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة: «فيمسخ الله أباه ضبعًا» (فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ) بضمِّ الياء وفتح الخاء مبنيًّا للمفعول (فَيُلْقَى فِي النَّارِ) وعند ابن المنذر: «فإذا رآه كذلك تبرَّأ منه، قال: لست أبي...» الحديث. وكان(5) قبلُ حملته الرَّأفة على الشَّفاعة له، فظهر له في هذه الصُّورة(6) المستبشعة(7) ليتبرَّأ منه، والحكمة في كونه مُسِخ ضبعًا دون غيره من الحيوان: أنَّ الضَّبع أحمق الحيوان، ومن حمقه أنَّه يغفل عمَّا يجب التَّيقُّظ له، فلمَّا لم يقبل آزر النَّصيحة من أشفقِ النَّاس عليه وقبل خديعة الشَّيطان أشبَهَ الضَّبع الموصوف بالحمق، قاله الكمال الدَّميريُ. وفي هذا الحديث: دليلٌ على أنَّ شرف الولد لا ينفع الوالد إذا لم يكن مسلمًا.
          وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف(8) أيضًا في «تفسير سورة الشُّعراء» [خ¦4769].


[1] «بن أبي سعيدٍ»: ليس في (د).
[2] في (د): «وألَّا».
[3] زيد في (د): «من».
[4] «انظر»: مثبتٌ من (م).
[5] في (م): «وكأنَّه».
[6] في (ص): «الصِّفة».
[7] في (م): «الشَّنيعة».
[8] «المؤلِّف»: مثبتٌ من (د).