إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب: {إن قارون كان من قوم موسى} الآية

          ░33▒ هذا (بابٌ) بالتَّنوين في قوله تعالى: ({إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى...} الاية[القصص:76]) قال ابن عبَّاسٍ: ابن عمِّه لأنَّه قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب، وموسى بن عمران بن قاهث، وقال ابن إسحاق: كان قارون عمَّ موسى أخا عمران، وهما ابنا يصهر، ولم يكن في بني إسرائيل أقرأ للتَّوراة من قارون، وكان يُسمَّى المُنوَّر لحسن صوته بالتَّوراة، ولكنَّه(1) نافق كما نافق السَّامريُّ، فأهلكه الله.
          ({لَتَنُوءُ}) في قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ}[القصص:76] أي: (لَتُثْقِلُ) _بضمِّ الفوقيَّة وكسر القاف_ المفاتيح.
          (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) في تفسير قوله تعالى: ({أُولِي الْقُوَّةِ}) أي: (لَا يَرْفَعُهَا) أي: المفاتيح (العُصْبَةُ) أي: الجماعة الكثيرة (مِنَ الرِّجَالِ) لكثرتها. قال الأعمش عن خيثمة قال: وجدت في الإنجيل: أنَّ مفاتيح كنوز قارون من جلودٍ، كلُّ مفتاحٍ(2) مثل الأصبع، كلُّ مفتاح لكنزٍ(3)، فإذا رَكِبَ(4)؛ حُمِلت على ستِّين بغلًا، وقيل: كان يعلم علم الكيمياء علَّمه له موسى، أُنزِل عليه من السَّماء، وكان ذلك سبب كثرة مال قارون، لكن قال الزَّجَّاج: هذا لا يصحُّ، لأنَّ الكيمياء علمٌ لا حقيقة له. قال الطِّيبيُّ: ولعلَّ ذلك كان من قبيل المعجزة (يُقَالُ: {الْفَرِحِينَ}[القصص:76]) أي(5): (المَرِحِينَ) وقال مجاهدٌ: يعني: الأَشِرين البَطِرين الَّذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم، وقال بعضهم: لا يفرح بالدُّنيا إلَّا من اطمأنَّ إليها، فأمَّا من يعلم أنَّه سيفارقها عن قريبٍ، لم يفرح، وما أحسن قول المتنبِّي(6):
أشدُّ الغمِّ عندي في سرورٍ                     تيقَّن(7) عنه صاحبُه انتقالا
          ({وَيْكَأَنَّ اللهَ}) قال أبو عبيدة: هو(8) (مِثْلُ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ}[لقمان:29]) وقال غيره: كلمةٌ مستعملةٌ عند التَّنبيه للخطأ وإظهار التَّندُّم، فلمَّا قالوا: {يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ}[القصص:79] ثمَّ شاهدوا الخسف به تنبَّهوا لخطئهم(9)، ثمَّ قالوا: كأنَّه ({يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء}) من عباده ({وَيَقْدِرُ}[القصص:82]) أي: (وَ(10)يُوَسِّعُ عَلَيْهِ) بحسب مشيئته وحكمته، لا لكرامته عليه (وَيُضَيِّقُ) عليه(11)، لا لهوان من يضيِّق عليه(12) بل لحكمته، وله الحجَّة البالغة. وهذا الباب وتاليه ثابتٌ في رواية المُستملي والكُشْميهَنيِّ فقط.


[1] في (د): «ولكن».
[2] «مفتاحٍ»: مثبتٌ من (م).
[3] في (د): «على كنزٍ».
[4] «فإذا رَكِبَ»: ليس في (د).
[5] «أي»: ليس في (د).
[6] زيد في (م): «قال».
[7] في (د): «تنقَّل» وفي الهامش كالمثبت.
[8] «هو»: ليس في (د).
[9] في (د): «لخطابهم».
[10] سقط الواو من (ب) و(س).
[11] «عليه»: ليس في (د).
[12] زيد في (د): «به».