الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر}

          ░54▒ (باب: قول الله: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ} إلى آخره [القمر:17])
          مناسبة هذا الباب بما قبله مِنْ جهة الاشتراك في لفظ التَّيسير، قالَ ابنُ بطَّالٍ: تيسير القرآن تسهيله على لسان القارئ حَتَّى يسارع إلى قراءته، فربَّما سبق لسانه في القراءة، فيجاوز الحرف إلى ما بعده، ويحذف الكلمة حرصًا على ما بعدها.
          قالَ الحافظُ: وفي دخول هذا في المراد نظر كبير. انتهى مِنَ «الفتح».
          قلت: وترجم عليه الإمام البيهقيُّ في «كتاب الأسماء والصِّفات»: (باب: الفرق بين التِّلاوة والمتلوِّ) قال الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ} إلى آخره، ثمَّ قالَ بعد ذكر عدَّة آيات: فالقرآن الَّذِي نتلوه كلام الله تعالى، وهو متلوٌّ بألسنتنا على الحقيقة، مكتوب في مصاحفنا، محفوظ في صدورنا، مسموع بأسماعنا، غير حالٍّ في شيء منها، إذ هو مِنْ صفات ذاته غير بائن منه، وهو كما أنَّ البارئ ╡ معلوم بقلوبنا، مذكور بألسنتنا، مكتوب في كتبنا، معبود في مساجدنا، مسموع بأسماعنا غير حالٍّ في شيء منها، وأمَّا قراءتنا وكتابتنا وحفظنا فهي مِنِ اكتسابنا، واكسابنا(1) مخلوقة ولا(2) شكَّ فيه. انتهى.
          قالَ الحافظُ نقلًا عن البَيْهَقيِّ: مذهب السَّلف والخلف مِنْ أهل الحديث والسُّنَّة أنَّ القرآن كلام الله، وهو صفة / مِنْ صفات ذاته، وأمَّا التِّلاوة فهم على طريقتين: منهم مَنْ فرَّق بين التِّلاوة والمتلوِّ، ومنهم مَنْ أحَبَّ [تركَ] القول فيه، وأمَّا ما نقل عن الإمام أحمد أنَّه سوَّى بينهما فإنَّما أراد حسم المادة لئلَّا يتدرَّع أحد إلى القول بخلق القرآن. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((واكتسابنا)).
[2] في (المطبوع): ((لا)) بلا واو.