الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول النبي: «الماهر بالقرآن مع الكرام البررة»

          ░52▒ (باب: قَول النَّبيِّ صلعم: المَاهِر بالقُرآنِ معَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَة)
          الماهر: الحاذق، المراد(1) به [هنا] جودة التِّلاوة مع حسن الحفظ، والمراد بالسَّفرةِ الكَتَبَةُ جمع سافر، مثل كاتب وزنه معناه،(2) وهم هنا الَّذِين ينقطون(3) مِنَ اللوح المحفوظ، فوُصفوا بالكرام، أي: المكرَّمين عند الله تعالى، والبَرَرَة أي: المطيعين المطهَّرين عن الذُّنوب، والمراد بالمهارة بالقرآن جودة الحفظ والتِّلاوة مِنْ غير تردُّد وفيه(4) لكونه يسَّره الله تعالى عليه كما يسَّره على الملائكة فكان مثلها في الحفظ والدَّرجة. قالَ ابنُ بطَّالٍ: لعلَّ البخاريَّ أشار بأحاديث هذا الباب إلى أنَّ الماهر بالقرآن هو الحافظ له مع حسن الصَّوت به، والجهر به بصوت مطرِّب بحيث يلتذُّ سامعُه. انتهى.
          قالَ الحافظُ: والَّذِي قصده البخاريُّ إثبات كون التِّلاوة فِعل العبد، فإنَّها يدخلها التَّزيين والتَّحسين والتَّطريب، وقد يقع بأضداد ذلك، وكلُّ ذلك دالٌّ على المراد، وقد أشار إلى ذلك ابنُ المنيِّر، فقال: ظنَّ الشَّارح أنَّ غرض البخاريِّ جواز قراءة القرآن بتحسين الصَّوت، وليس كذلك، وإنَّما غرضه الإشارة إلى ما تقدَّم مِنْ وصف التِّلاوة بالتَّحسين والتَّرجيع والخفض والرَّفع ومقارنة الأحوال البشريَّة، كقول عائشة:(يقرأ القرآن في حجري وأنا حائض) فكلُّ ذلك يحقِّق أنَّ التِّلاوة فعلُ القارئ، وتتَّصف بما تتَّصف به الأفعال، وتتعلَّق بالظروف الزَّمانيَّة والمكانية. انتهى.
          وفي «تراجم الشَّاه وليِّ الله»: قوله: (حسن الصَّوت بالقرآن يجهر به) فالقرآن مصوَّت به مجهور متلوٌّ بالألسن. انتهى.
          وفي «تقرير المكِّيِّ»: قوله: الماهر فثبت الكسب. انتهى مِنَ «الفتح» و«هامش اللَّامع».


[1] في (المطبوع): ((والمراد)).
[2] في (المطبوع): ((ومعناه)).
[3] في (المطبوع): ((ينقلون)).
[4] في (المطبوع): ((فيه)) بلا واو.