الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب كلام الرب ╡ يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم

          ░36▒ (باب: كَلام الرَّبِّ يَومَ القِيامَةِ مَعَ الأَنْبِيَاء وَغَيْرِهِم)
          غرضه ظاهر، يعني: إثبات الكلام لله تعالى مِنْ وجوهٍ مختلفة بمواضع شتَّى.
          قالَ الحافظُ: ذكر فيه خمسة أحاديث، الأوَّل: حديث أنس في الشَّفاعة أورده مختصرًا جدًّا ثمَّ مطوَّلًا، وقد مضى شرحه مستوفًى في كتاب الرِّقاق، ثمَّ قالَ في آخر الباب: تنبيهان: أحدهما: ليس في أحاديث الباب كلام الرَّبِّ مع الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ، وَسَائِرُ أَحَادِيثِ الْبَابِ فِي كَلَامِ الرَّبِّ مَعَ غير الأنبياء، وإذا ثبت كلامه مع غير الأنبياء فوقوعه للأنبياء بطريق الأولى. الثَّاني: تقدَّم في الحديث الأوَّل ما يتعلَّق بالتَّرجمة، وأمَّا الثَّاني: فيختصُّ بالرُّكن الثَّاني مِنَ التَّرجمةِ، [وهو قوله: وغيرهم، وأمَّا سائرها فهو شامل للأنبياء ولغير الأنبياء على وَفْق التَّرجمة] انتهى.
          وفي «هامش اللَّامع»: ولا يذهب عليك أنَّ في الحديث الأوَّل مِنَ الباب حديث أنس اختصارًا مخلًّا، قالَ القَسْطَلَّانيُّ: قوله: (أدْخِل الجَنَّة)_بفتح الهمزة وكسر الخاء_ مِنَ الإدخال، وفي الرِّواية الآتية بعد هذه أنَّ الله تعالى هو الَّذِي يقول له ذلك، وهو المعروف في سائر الأخبار، قالَ الدَّاوديُّ: قوله: (ثمَّ أقول) خلاف سائر الرِّوايات، فإنَّ فيها أنَّ الله أمره أن يخرج، وتعقَّبه في «الفتح» فقال: فيه نظر، والموجود عند أكثر الرُّواة: (ثمَّ أقول) بالهمز، والَّذِي يُظَنُّ أنَّ البخاريَّ أشار إلى ما في بعض طرقه كعادته، وفي «مستخرج أبي نُعيمٍ» مِنْ طريق أبي عاصم عن أبي بكر بن عيَّاش: ((أشفع يوم القيامة فيقال لي: لك مَنْ في قلبه شعيرة، ولك مَنْ في قلبه خردلة، ولك مَنْ في قلبه شيء)) فهذا مِنْ كلام الرَّبِّ مع النَّبيِّ صلعم، قال: ويمكن التَّوفيق بينهما بأنَّه صلعم يسأل عن ذلك أوَّلًا فيجاب إلى ذلك ثانيًا، فوقع في إحدى الرِّوايتين ذكر السُّؤال، وفي البقيَّة ذكر الإجابة. انتهى.
          قلت: وعلى هذا فلا يَرِدُ ما حكى الحافظ عن ابن التِّين أنَّ فيه كلام الأنبياء مع الرَّبِّ ليس كلام الرَّبِّ مع الأنبياء. انتهى.