الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه}

          ░23▒ (باب: قَولِ الله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} إلى آخره [المعارج:4])
          قالَ ابنُ بطَّالٍ: غرض البخاريِّ في هذا الباب الرَّدُّ على الجَهْميَّة المجسمة في تعلُّقها بهذه الظَّواهر، وقد تقرَّر أنَّ الله ليس بجسم، ولا يحتاج إلى مكان يستقرُّ فيه، فقد كان ولا مكان، وإنَّما أضاف المعارج إليه إضافة تشريف، ومعنى الارتفاع إليه اعتلاؤه مع تنزيهه عن المكان.انتهى.
          قالَ الحافظُ: وخلطُ المجسِّمة بالجَهْميَّة مِنْ أعجبِ ما يُسمع. انتهى.
          وهكذا أفاد العينيُّ في غرض التَّرجمة مِنْ غير عزو إلى ابن بطَّالٍ.
          وفي هامش «النُّسخة الهنديَّة» عن الكرمانيِّ: هذا الباب كأنَّه مِنْ تتمَّة الباب المتقدِّم، لأنَّهما متقاربان في المقصد. انتهى.
          ولا يبعد عندي أن يقال: إنَّ مقصود التَّرجمة إثباتُ / اسم العليِّ لله تعالى، ثمَّ رأيت «تقرير الشَّيخ المكِّيِّ» فكتب: المقصود مِنْ هذا الباب إثبات صفة العلوِّ كما يدلُّ عليه كلمة {تَعْرُجُ} و(تصعد) ونحوهما، والرَّدُّ على الجَهْميَّة مِنْ جهة أنهم أنكروا الصِّفاتِ كلَّها. انتهى.
          قالَ الحافظُ: وقد تمسَّك بظواهر أحاديث الباب مَنْ زعم أنَّ الحقَّ سبحانه وتعالى في جهة العلوِّ، وقد ذكرت معنى العلوِّ في حقِّه جلَّ وعلا في الباب الَّذِي قبله، وقال في الباب السَّابق: قالَ الكَرْمانيُّ: قوله: (في السَّماء) ظاهره غير مراد، إذ الله منزَّه عن الحلول في المكان، لكن لما كانت جهة العلوِّ أشرفَ مِنْ غيرها أضافها إليه إشارة إلى علوِّ الذَّات والصِّفات، وبنحو(1) هذا أجاب غيره عن الألفاظ الواردة مِنَ الفوقيَّة ونحوها، قالَ الرَّاغبُ: (فوق) يستعمل في المكان والزَّمان والجسم والعدد والمنزلة والقهر، ثمَّ ذكرها إلى أن قال: السَّادس: نحو قوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام:18]، {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل:50]. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((وبنحوها)).