الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ذكر النبي وروايته عن ربه

          ░50▒ (باب: ذكر النَّبيِّ صلعم ورِوَايَتِه عن ربِّهِ)
          يحتمل أن تكون الجملة الأولى محذوفةَ المفعول، والتَّقدير: ذكر النَّبيِّ صلعم ربَّه ╡، ويحتمل أن يكون ضُمِّن الذِّكرُ معنى التَّحديث، فعدَّاه بـ(عن) فيكون قوله: (عن ربِه) متعلِّقًا بالذِّكر والرِّواية معًا، وقد ترجم هذا في «كتاب خلق أفعال العباد» بلفظ: ما كان النَّبيُّ صلعم يذكر ويروي عن ربِّه، وهو واضح،(1) وقد قالَ ابنُ بطَّالٍ: معنى هذا الباب أنَّ النَّبيَّ صلعم روى عن ربِّه السُّنَّة كما روى عنه القرآن. انتهى.
          والَّذِي يظهر أنَّ مراده تصحيحُ ما ذهب إليه كما تقدَّم التَّنبيه عليه في تفسير المراد بكلام الله سبحانه وتعالى. انتهى مِنَ «الفتح».
          قلت: الظَّاهر أنَّه أشار بقوله كما تقدَّم إلى ما تقدَّم في (باب: قوله: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح:15]) ردًّا على ابن بطَّالٍ إذ قال: والَّذِي يظهر [أنَّ] غرضه أنَّ كلام الله لا يختصُّ بالقرآن، فإنَّه ليس نوعًا واحدًا كما تقدَّم نقله عن من(2) قاله، وأنَّه وإن كان غير مخلوق، وهو صفة قائمة به، فإنَّه يلقيه على مَنْ يشاء مِنْ عباده. انتهى.
          ثمَّ يشكل في أحاديث الباب حديث عبد الله بن مغفَّل في التَّرجيع، فإنَّه لا مطابقة له بالتَّرجمة على الظَّاهر.
          قالَ الحافظُ: قالَ ابنُ بطَّالٍ: وجهُ دخول هذا الحديث في الباب أنَّه صلعم كان أيضًا يروي القرآن عن ربِّه، وقالَ الكَرْمانيُّ: الرِّواية عن الرَّبِّ أعمُّ مِنْ أنْ تكون قرآنًا أو غيره، بدون الواسطة أو بالواسطة، وأن(3) كان المتبادر هو ما كان بغير الواسطة. انتهى.
          وفي «التَّراجم» للشَّاه وليِّ الله الدِّهْلويِّ: القراءة يدخل فيها التَّرجيع وهو مِنْ صفاتها. انتهى.
          ولا يبعد عندي أن يقال: أن(4) الإمام البخاريَّ أشار بقراءة سورة الفتح إلى الرِّوايات الَّتي وردت في قصَّة الحديبية مِنْ رواية النَّبيِّ صلعم عن ربِّه تعالى، ويُستنبط ذلك ممَّا ذكره السُّيوطيُّ في قصَّة بيعة الشَّجرة، وفيه: ((ونادى منادي رسول الله صلعم: إلا أن(5) روح القدس قد نزل على رسول الله صلعم فأمره بالبيعة)) الحديث. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».


[1] في (المطبوع): ((أوضح)).
[2] في (المطبوع): ((عمن)).
[3] في (المطبوع): ((وإن)).
[4] في (المطبوع): ((إن)).
[5] في (المطبوع): ((ألا إن)).