الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}

          ░46▒ (باب: قَوْلِه تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} إلى آخره [المائدة:67])
          كتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: قد ذكرنا لم(1) عقد هذا الباب. انتهى.
          وفي «هامشه»: قالَ الحافظُ: وقد احتجَّ الإمام أحمد بن حنبل بهذه الآية على أنَّ القرآن غير مخلوق، لأنَّه لم يَرد في شيء مِنَ القرآن ولا مِنَ الأحاديث أنَّه مخلوق، ولا ما يدلُّ على أنَّه مخلوق، ثمَّ ذكر عن الحسن البصريِّ أنَّه قال: لو كان ما يقول الجَعْد حقًّا لبلَّغه النَّبيُّ صلعم. انتهى.
          وسلك العلَّامة السِّنْديُّ هاهنا في بيان غرض التَّرجمة مسلكًا آخر إذ قال: أي: (باب: إثبات النُّبوَّة) فإن مباحث النُّبوَّات مِنْ جملة مسائل علم التَّوحيد، إلَّا أنَّه ترجم لغالب مسائل علم التَّوحيد بآية مِنْ ذكر(2) الكتاب، ثمَّ ذكر الحديث الموافق لها، ليعلم ثبوتها بالكتاب والسُّنَّة، وموافقة الكتاب والسُّنَّة عليها، إذ هذه المسائل هي مدار الدّشين، والمطلوب فيها اليقين، فللَّه درُّه ما أدقَّ نظره! ثمَّ ذكر في الباب مِنَ الآية والأحاديث بعض ما فيه لفظ الرِّسالة والرَّسول أو نحوه، وهذا اللَّفظ هو مدار التَّرجمة، والله تعالى أعلم. /
          أمَّا ذكرُه قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة:2] فلتحقيق الكتاب الَّذِي يُتوسَّل به إلى تحقيق النُّبوَّة، ثمَّ أشار لقوله:(3) هذا الكتاب إلى أنَّ ذلك واقع موقع هذا، وأيَّده بقوله تعالى: {وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس:22] فجيء بقوله {بِهِمْ} موضع بِكم، مع أنَّ الأوَّل للغائب البعيد عن الحسِّ، والثَّاني للحاضر القريب. انتهى.
          وكتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: ثمَّ إنَّ قوله: (وقال كعب بن مالك حين تخلَّف...) إلى آخره، حجَّة برأسها لا تعلُّق له بما تقدَّم ولا بما تأخَّر، وحاصل الاحتجاج [به] أنَّ التَّخلُّف إنَّما كان فعل الكعب لا غيرُ، وكذا قوله: {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:105] حجَّة، فإنَّ الرُّؤية عملُ الله وعملُ المؤمنين، وأيضًا فإنَّ العمل مضافٌ للمؤمنين، وليس إضافته إليهم إلَّا لصدوره منهم، وكذلك قوله: (وقالت عائشة) إلى قوله: (أحد...) إلى آخره، حجَّة أخرى، وكذلك قوله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة:2] حجَّة، فإنَّ الاتِّقاء فعلُهم، ثمَّ أخذ في تفسير الآية استطرادًا، فقال: {ذَلِكَ} هاهنا بمعنى هذا، كما في الآية الأخرى، ثمَّ أورد سندًا على [هذا] المعنى أن العرب تستعمل اللَّفظ موضع لفظ آخر، كما في قوله تعالى: {وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس:22]، وكذلك باقي ما ذكره هاهنا حجج على ما ادَّعاه، والله أعلم. انتهى.
          وفي «هامش(4)»: ما أفاده الشَّيخ قُدِّس سرُّه [في شرح كلام المصنِّف وتوضيح مرامه دقيق جدًّا، ثمَّ ذكر في «هامش اللَّامع» توضيح كلام الشَّيخ قُدِّس سرُّه،] وذكر فيه أيضًا ما ذكره الشُّرَّاح في شرح هذا المقام، فارجع إليه لو شئت.


[1] في (المطبوع): ((لما)).
[2] قوله: ((ذكر)) ليس في (المطبوع).
[3] في (المطبوع): ((بقوله)).
[4] في (المطبوع): ((هامشه)).