الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قوله: {وكلم الله موسى تكليما}

          ░37▒ (باب: قَوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النِّساء:164])
          غرضه ظاهر، وهو إثبات الكلام لله تعالى، وهو الباب السَّابع والثَّلاثون مِنْ أبواب الرَّدِّ على الجَهْميَّة.
          قالَ الحافظُ: قال الأئمَّة: هذه الآية أقوى ما ورد في الرَّدِّ على المعتزلة، قال النَّحَّاس: أجمع النَّحويُّون على أنَّ الفعل إذا أُكِّد بالمصدر لم يكن مجازًا، فإذا قال: {تَكْلِيمًا} وجب أن يكون كلامًا على الحقيقة الَّتي تُعقَل، وأجمع السَّلف والخلف مِنْ أهل السُّنَّة وغيرهم على أنَّ {كَلَّمَ} هاهنا مِنَ الكلامِ، ونقل «الكشَّاف» عن بدع بعض التَّفاسير أنَّه مِنَ الكَلْم بمعنى الجُرح، وهو مردود بالإجماع المذكور، وأورد البخاريُّ في «كتاب خلق أفعال العباد» أنَّ خالد بن عبد الله القَسْريَّ قال: إني مُضَحٍّ بالجَعْد بن دِرْهَم، فإنَّه يزعم أنَّ الله تعالى لم يتَّخِذ إبراهيم خليلًا، ولم يكلِّم مُوسَى تَكْلِيمًا، وتقدَّم في أوَّل التَّوحيد الرَّدُ على الجَهْميَّة، أنَّ سَلْمَ بنَ أحوز قتل جَهْمَ بن صَفْوَان، لأنَّه أنكر أن الله كلَّم موسى تكليمًا. انتهى مختصرًا.
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: قالَ القُرْطُبيُّ: تكليمًا مصدر معناه التَّأكيد، وهذا يدلُّ على بطلان قول مَنْ يقول: خلق الله بنفسه كلامًا في شجرة يسمعه موسى بل هو الكلام الحقيقيُّ الَّذِي يكون به المتكلِّم متكلِّمًا. انتهى.
          وترجم البَيْهَقيُّ في كتاب الأسماء: ما جاء في إثبات صفة التَّكليم والتَّكلُّم والقول، ثمَّ بسط الرِّوايات في ذلك.