الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

قول الله تعالى: {ولتصنع على عيني}

          ░17▒ (باب: قَولِه تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} إلى آخره [طه:39])
          غرض التَّرجمة ظاهر، وهو إثبات العين لله ╡ (1).
          قالَ الحافظُ: قالَ ابنُ المنيِّر: وجه الاستدلال على إثبات العين لله مِنْ حديث الدَّجَّال مِنْ قولِه: (إنَّ الله ليس بأعور) مِنْ جهة أنَّ العَوَرَ عُرفًا عدمُ العين، وضدُّ العَوَرِ ثبوتُ العَين، فلمَّا نُزعت هذه النقيضة(2) لزم ثبوت الكمال بضدِّها، وهو وجود العين، وهو على سبيل التَّمثيل والتَّقريب للفهم لا على معنى إثبات الجارحة، قال: ولأهل الكلام في هذه الصِّفات كالعين والوجه واليد ثلاثة أقوال: أحدها: أنَّها صفاتُ ذاتٍ أثبتَها السَّمعُ، ولا يهتدي إليه العقلُ، والثَّاني: أنَّ العين كناية عن صفة البصر، واليد كناية عن صفة القدرة، والوجه كناية عن صفة الوجود، والثَّالث: إمرارها على ما جاءت مفوَّضًا معناها إلى الله تعالى.
          وقالَ الشَّيخ شهاب الدِّين السَّهْرَورديُّ في «كتاب العقيدة» له: أخبر الله في كتابه وثبت عن رسوله الاستواء والنُّزول والنَّفس واليد والعين، فلا يتصرَّف فيها بتشبيه ولا تعطيل، إذ لولا إخبار الله ورسوله ما تجاسر عقلٌ أن يحوم حول ذلك الحِمى.
          قالَ الطِّيبيُّ: هذا هو المذهب المعتمد، وبه يقول السَّلف الصَّالح، وقال غيره: لم ينقل عن النَّبيِّ صلعم ولا عن أحد مِنْ أصحابه مِنْ طريق صحيحٍ التَّصريحُ بوجوب تأويل شيء مِنْ ذلك، ولا المنع مِنْ ذكره... إلى آخر ما في «الفتح».
          وفيه أيضًا قالَ ابنُ بطَّالٍ: احتجَّت المجسمة بهذا الحديث، وقالوا: في قوله: (وأشار بيده إلى عينه) دلالة على أنَّ عينه كسائر الأعين، وتُعُقِّب باستحالة الجسميَّة عليه، لأنَّ الجسم حادث وهو قديم، فدلَّ على أنَّ المراد نفيُ النَّقص عنه انتهى.


[1] في (المطبوع): ((عزَّ اسمه)).
[2] في (المطبوع): ((النقيصة)).