الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها}

          ░47▒ (باب: قول الله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا} إلى آخره [آل عمران:93])
          مراده بهذه التَّرجمة [أن يبيِّن] أنَّ المراد بالتِّلاوة القراءةُ، وقد فُسِّرت التِّلاوة بالعمل، والعمل مِنْ فعل العامل، وقال في «كتاب خلق [أفعال] العباد»: ذكر صلعم أنَّ بعضهم يزيد على بعض في القراءة وبعضهم ينقص، فهم يتفاضلون في التِّلاوة بالكثرة والقلَّة، وأمَّا المتلوُّ وهو القرآن فإنَّه ليس فيه زيادة ولا نقصان، ويقال: فلان حسن القراءة ورديء القراءة، ولا يقال: حسن القرآن ولا رديء القرآن، وإنَّما يُسند إلى العباد القراءة لا القرآن لأنَّ القرآن كلام الرَّبِّ، والقراءة فعلُ العبد. انتهى مِنَ «الفتح».
          وفي «تراجم شيخ مشايخنا الدِّهْلويِّ»: قوله: (ثمَّ أوتيتم القرآن فعملتم...) إلى آخره، فكلام الله تعالى معمول به متلوٌّ وهو عملٌ مِنَ الأعمال. [انتهى].
          وفي «تقرير شيخ الهند»: أشار إلى أنَّ التِّلاوة فعلُ العبد اللَّاحق بالقرآن، وهذا الفعلُ حادث، والقرآن قديم، والغرض أنَّ القرآن ليس بحادث، وأثبته البخاريُّ بأبواب كثيرة إلَّا أنَّ ما هو فعلُ العبد وكسبُه يكون حادثًا. قوله: ((وسمَّى النَّبيُّ صلعم الإسلام والصَّلاة عملًا...)) إلى آخره، فيه إشارة خفيَّة إلى ردِّ ما قالوا مِنْ أنَّ هذه الثَّلاثة قديم، وإنَّما مناسبته بالباب بأنَّه أشار إلى أنَّ الحمل في الآية بمعنى العمل، {لَمْ يَحْمِلُوهَا} أي: لم يعملوا عليها فكأنَّه تفسير للآية. انتهى.
          وقالَ العلَّامةُ السِّنْديُّ: قوله: ({يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} يتبعونه...) إلى آخره، الظَّاهر أنه فسَّر (يَتْلون) بـ(يبتغون(1)) على أنَّه مِنَ التلو(2) بمعنى التَّبع، لا مِنَ التِّلاوة بمعنى القراءة، ويحتمل أنه أخذ العمل مِنْ قولِه: حقَّ تلاوته، إذ لا يكون الإنسان مؤدِّيًا للتِّلاوة حقَّها إلَّا إذا عمل بالمتلوِّ كما ينبغي العملُ به، والله أعلم. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع» مختصرًا.
          قالَ الحافظُ في آخر الباب قالَ ابنُ بطَّالٍ: معنى هذا الباب كالَّذِي قبله أنَّ كلما(3) ينشأ(4) الإنسان ممَّا يؤمر به مِنْ صلاة أو حجٍّ أو جهاد وسائر الشَّرائع عملٌ يجاز(5) على فعله ويعاقَب على تركِه. انتهى.
          وقالَ الحافظُ: ليس غرضُ البخاريِّ هاهنا(6) بيانَ ما يتعلَّق بالوعيد، بل ما أشرت إليه قبلُ، ثمَّ قالَ: وتشاغل ابن التِّين ببعض ما يتعلَّق بلفظ حديث ابن عمر إلى أن قال: وفي تشاغل مَنْ شرح هذا الكتاب مثل(7) هذا هنا إعراضٌ عن مقصود المصنِّف هاهنا، وحقُّ الشَّارح بيان مقاصد المصنِّف تقريرًا وإنكارًا، وبالله المستعان. انتهى. /


[1] في (المطبوع): ((يتبعون)).
[2] في (المطبوع): ((المتلو)).
[3] في (المطبوع): ((كل ما)).
[4] في (المطبوع): ((ينشئه)).
[5] في (المطبوع): ((يجازى)).
[6] في (المطبوع): ((هنا)).
[7] في (المطبوع): ((بمثل)).