الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما جاء في البناء

          ░53▒ (باب: مَا جَاءَ في البِنَاء)
          أي: مِنْ منعٍ وإباحة، والبناء أعمُّ مِنْ أنْ يكون بِطينٍ أو مَدَرٍ أو بخشبٍ أو مِنْ قَصَبٍ أو مِنْ شعَر.
          قوله: (قال أبو هريرة...) إلى آخره، وقد تقدَّم هذا الحديث موصولًا مطوَّلًا في كتاب الإيمان وأشار بإيراد هذه القطعة إلى ذمِّ التَّطاول في البنيان، وفي الاستدلال بذلك نظرٌ، وقد ورد في ذمِّ تطويل البناء صريحًا ما أخرج ابنُ أبي الدُّنْيا مِنْ رواية عمارة بن عامر: ((إذا رفع الرَّجل بناء فوق سبعة أذرع نودي: يا فاسقُ إلى أين؟)) وفي سنده ضعف مع كونه موقوفًا، وأخرجَ التِّرْمِذيُّ وصحَّحه مِنْ حديث خبَّاب رفعه قال(1): ((يُؤْجَر الرَّجل في نفقته كلِّها إلَّا التُّرابَ، أو قال: البناء)) وأخرج أبو داود مِنْ حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ((مرَّ بي النَّبيُّ صلعم وأنا أطيِّن حائطًا، فقال: الأَمْر أَعْجَل مِنْ ذلك)) وصحَّحه التِّرمذيُّ وابن حِبَّان، وأخرج أبو داود أيضًا مِنْ حديث أنس رفعه: ((أَمَا إِنَّ كُلَّ بِنَاءٍ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إِلَّا مَا لَا إِلَّا مَا لَا)) أي: إلَّا ما لا بدَّ منه. انتهى مِنَ «الفتح».
          وفي «البذل» في شرح قوله: ((مَا أَرَى الأَمْرَ إِلَّا أَعْجَلَ مِنْ ذلك)): كتب مولانا محمَّد يحيى المرحوم في «تقريره»: ليس فيه نهي عمَّا كانوا فيه مِنَ الإصلاح، بل المقصود: تذكيرهم المنيَّة، والتَّنبيه على أنَّ المرء لا ينبغي له أن يلهو بشيء مِنَ المشاغل عن مصيره وعاقبته. انتهى.
          وأمَّا مطابقة الحديث بالتَّرجمة فما في «هامش اللَّامع» مِنْ «تقرير المكِّيِّ»: قوله: (بنيت بيدي...) إلى آخره، إشارة إلى صغر ذلك البنيان، لأنَّه إذ بناه بيده وحده ولم يشاركه أحد في بنائه فما ظنُّك بأنَّه لا يكون صغيرًا. انتهى.
          وقالَ الحافظُ: قوله: (ما أعانني عليه أحدٌ) هو تأكيد لقوله: (بنيت بيدي) وإشارة إلى خفَّة مُؤْنته(2). انتهى.
          ثمَّ ما وقع في الحديث مِنَ التَّعارض في قوله: (واللهِ لقد بنى...) إلى آخره، ذكر الكلام عليه في «اللَّامع» و«هامشه»، فارجع إليه.
          ثمَّ البراعةُ في قوله: (منذ قُبض النَّبيُّ صلعم).


[1] قوله: ((قال)) ليس في (المطبوع).
[2] في (المطبوع): ((مؤنة)).