الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الختان بعد الكبر ونتف الإبط

          ░51▒ (باب: الخِتَان بَعْدَما كبر)
          وفي «نسخة الحافظ»: <بعد الكِبَر>، والكِبَر بكسر الكاف وفتح الموحَّدة.
          قالَ الكَرْمانيُّ: وجه مناسبة هذه التَّرجمة بكتاب الاستئذان أنَّ الختان يستدعي الاجتماع في المنازل غالبًا، قاله الحافظ.
          وقد تقدَّم الكلام على وجه إدخال مثل هذه التَّراجم في هذا الكتاب في مبدأ كتاب الاستئذان.
          ثمَّ قالَ الحافظُ تحتَ حديثِ الباب: يُستَدلُّ بقصَّة إبراهيم ◙ لمشروعيَّة الختان حَتَّى لو أُخِّر لمانعٍ حَتَّى بلغ السِّنَّ المذكور لم يسقط طلبُه، وإلى ذلك أشارَ البخاريُّ بالتَّرجمة، وليس المراد أنَّ الختان يُشرَع تأخيره إلى الكِبَر. انتهى.
          ثمَّ اختلفوا في حكم الخِتان، فقالَ الحافظُ: وقد ذهب إلى وجوب الختان الشَّافعيُّ وجمهورُ أصحابه، وقال به من القدماء عطاء حَتَّى لو أسلم الكبيرُ لم يتمَّ إسلامه حَتَّى يختن، وعن أحمد وبعض المالكيَّة يجب، وعن أبي حنيفة واجب وليس بفرض، وعنه سُنَّة يأثم بتركه. انتهى.
          وفي «الدُّرِّ المختار»: والأصل أنَّ الختان سُنَّة كما جاء في الخبر، وهو مِنْ شعائر الإسلام وخصائصه، فلو اجتمع أهل بلدة على تركه حاربهم الإمام، فلا يترك إلَّا لعذر، وعذرُ شيخٍ لا يطيقه ظاهرٌ. انتهى.
          وفي «المغني» لابن قُدامة: واجب عند الشَّافعيِّ وأحمدَ، ولذا يجوز له كشف العورة، سُنَّة عند مالك وأبي حنيفة. انتهى.
          قلت: وما قالَ الموفَّقُ في تأييد مسلكه مِنْ قولِه: ولذا يجوز له كشف العورة، يستفاد جوابه مِنْ جانب الحنفيَّة ممَّا ذكره الشَّيخ قُدِّس سِرُّه في «اللَّامع» إذ قال: قوله: (بعدما كبر...) إلى آخره، فيه دلالة على أنَّ فرض السَّتر ساقط عند ذاك بإجازة الشَّرع كما يدلُّ عليه استمرار عادات الصَّحابة رضي الله عنهم أجمعين، ونظير سقوط السَّتر لعذر الختان سقوطه عند الولادة والعلاج وغير ذلك ممَّا ليس شيء منها واجبًا ولا فرضًا. انتهى.
          قوله: (ونتف الإبط) قالَ الشَّيخُ في «البذل»: أي: قلع شعره، بحذف المضاف، وعُلم منه أنَّ حَلْقَه ليس بسُنَّة، وقيل: النَّتف أفضلُ لمن قَوِيَ عليه، قال في «الدُّرِّ المختار» و«شرحه»: وتنظيف بدنه بنحو إزالة الشَّعَر مِنْ إبطيه، ويجوز فيه الحلق، والنَّتف أولى. انتهى.
          وفي هامش «البذل»: قالَ ابنُ رسلان: حُكي عن يونس قال: دخلت على الشَّافعيِّ وعنده مَنْ يحلق إبطه، فقال: أعلم أنَّ السُّنة النَّتف، ولكن لا أقوى على الوجع. انتهى.