الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول النبي: «قوموا إلى سيدكم»

          ░26▒ (باب: قَول النَّبيِّ صلعم: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُم)
          هذه التَّرجمة معقودة لحكم قيام القاعد للدَّاخل، ولم يجزم فيها بحكم للاختلاف، بل اقتصر على لفظ الخبر كعادته. انتهى مِنَ «الفتح».
          وفي «هامش المصريَّة» عن شيخ الإسلام: أي: بيان مشروعيَّة قيام القاعد للدَّاخل احترامًا له. انتهى.
          قالَ العينيُّ: وفي الحديث أمرُ السلطان والحاكم بإكرام السَّيِّد مِنَ المسلمين، وجواز إكرام أهل الفضل في مجلس السُّلطان الأكبر، والقيام فيه لغيره مِنْ / أصحابه، وقد مَنَعَ مِنْ ذلك قومٌ، واحتجُّوا بحديث أبي أُمامة، رواه أبو داود وابن ماجَهْ قال: ((خرج النَّبيُّ صلعم متَوَكِّئًا على عصًا فقمنا له فقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم)) قالَ الطَّبَريُّ: هذا حديث ضعيف مضطرب السَّند، فيه مَنْ لا يُعرف، وقال أيضًا: وفيه أنَّ قيام المرؤوس للرَّئيس الفاضل، والإمامِ العادل، والمتعلِّمِ للعالم مستحبٌّ، وإنَّما يُكرَه لمن كان بغير هذه الصِّفات، وعن أبي الوليد بن رُشْد: أنَّ القيام على أربعة أوجُهٍ، ثمَّ ذكرها.
          وبسط الحافظ الكلام أيضًا على روايات الباب إثباتًا ونفيًا أشدَّ البسط، فارجع إليه.
          وفي «الدُّرِّ المختار»: يجوز بل يُنْدَب القيام تعظيمًا للقادم كما يجوز القيام، ولو للقارئ بين يدي العالم، قالَ ابنُ عابدين: أي: إن كان ممَّن يستحقُّ التَّعْظيم، وفي «مشكل الآثار»: القيام لغيره ليس بمكروه لعينه، إنَّما المكروه محبَّة القيام لمن يُقام له... إلى آخر ما ذكر.
          وبسطَ الشَّيخُ الكلام عليه في «البذل»، وفيه عن «اللُّمعات»: اختلفت فيه الرِّوايات، والصَّحيح أنَّ احترام أهل الفضل مِنْ أهل العِلم والصَّلاح والشَّرف بالقيام جائز، وما جاء مِنْ كراهته صلعم قيام الصَّحابة له فهو مِنْ جهة الاتِّحاد الموجب لرفع التَّكلُّف لا للنَّهي.
          وقالَ النَّوويُّ: القيام للقادم مِنْ أهل الفضل مستحبٌّ، وقد جاءت فيه أحاديث، ولم يصحَّ في النَّهي عنه شيء تصريحًا.
          وكتب مولانا محمَّد يحيى المرحوم في «التَّقرير»: القيام جائز في نفسه ما لم يعتر(1) عليه(2) عارض يخرجه مِنَ الجواز إلى الكراهة... إلى أن قال: وأمَّا الَّذِي أورده المؤلِّف مِنَ الرِّوايات فليس شيءٌ منها كافيًا لإثبات المدَّعى لأنَّ القيام فيها ليس بقيام تعظيم، وفيه الكلام، وإنَّما هو قيام إعانة وإمداد في الأوَّل، وقيام معانقة في الثَّاني... إلى آخر ما ذكر.


[1] كذا في الأصل.
[2] في (المطبوع): ((مالم يعترِه)).