الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: السلام اسم من أسماء الله تعالى

          ░3▒ (باب: السَّلامُ اسمٌ مِنْ أَسْمَاء الله...) إلى آخره
          هذه التَّرجمة لفظُ بعضِ حديثٍ مرفوعٍ، له طرقٌ ليس منها شيء على شرط المصنِّف في «الصَّحيح»، فاستعمله في التَّرجمة، وأورد ما يؤدِّي معناه على شرطه، وهو حديث التَّشهُّد، وكذا ثبت في القرآن في أسماء الله [تعالى]: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} [الحشر:23]. انتهى مِنَ «الفتح».
          وأمَّا مناسبة الآية بالتَّرجمة فبأنَّ المراد بالتَّحيَّة في الآية السَّلامُ خاصَّة خلافًا لِما حُكي عن المالكيَّة أنَّ المراد بها الهديَّة، كما في «الحاشية الهنديَّة» عن العينيِّ وبسطه الحافظ، وتعقَّب على مَنْ قال: إنَّه قول المالكيَّة، وقال: بل هو قول الحنفيَّة.
          قلت: وهو كذلك فإنَّ الجصَّاص في «أحكام القرآن»: حملها على الهديَّة، ثمَّ حكى الحافظُ عن مالكٍ أنَّ المراد بالتَّحيَّة في الآية(1) تشميتُ العاطس ثمَّ تعقَّب عليه، فارجع إليه لو شئت. فكأنَّ البخاريَّ أشار بذكر الآية في (باب: السَّلام) إلى أنَّ المراد منها هو السَّلام، وأفادَ الشَّيخُ قُدِّس سِرُّه هاهنا وجهًا آخر، وهو أدقُّ وأتقنُ حيث قال: ولعلَّ الوجه في إيراد الآية في هذا الباب أنَّ المأمور به مِنَ التَّحيَّة ما فيه حُسْنٌ سواء كان الحُسْن قليلًا أو كثيرًا، كما يدلُّ عليه قوله تعالى: {بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النِّساء:86]، فإنَّ صيغة التَّفضيل مُشْعِرة بزيادة الحُسْن في هذا الرَّدِّ، فكان دليلًا على أصل الحُسْن في التَّحيَّة، وليس في قولهم: (السَّلام على الله) حُسْنٌ، لانقلاب المعنى فلم يكن قائلُه آتيًا بالمأمور به لأنَّ المأمور به إنَّما يتأدَّى إذا تضمَّن الحسن ولو أقلَّ ممَّا في ردِّها. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((المراد من الآية)).