الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب لا يتناجى اثنان دون الثالث

          ░45▒ (باب: لا يَتَناجَى اثْنَان دُونَ الثَّالث...) إلى آخره
          أي: لا يَتَحَدَّثَان سِرًّا، وسقط لفظ: (باب) مِنْ رواية أبي ذرٍّ، وأشار بإيراد هاتين الآيتين إلى أنَّ التَّنَاجِي الجَائز المأْخُوذ مِنْ مفهوم الحديث مُقيَّد بألَّا يكون في الإثم والعدوان. انتهى مِنَ «الفتح».
          قلت: وهكذا قالَ العينيُّ وتَبِعَهُما القَسْطَلَّانيُّ، لكنَّ ما أفاده هؤلاء الشُّرَّاح هو يتعلَّق بالآية الأولى فقط، ولا ينطبق على الآية الثَّانية وهو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ} الآية [المجادلة:12] كما لا يخفى، وقد تعرَّض له الشَّيخ قُدِّس سِرُّه في «اللَّامع» فأجاد حيث أفاد: ومناسبة الآيتين بالتَّرجمة خفيَّة إلَّا أن يقال: إنَّ تناجي اثنين إذا كان سببًا لمساءة الثَّالث كان ذلك تناجيًا بالإثم والعدوان، وهو منهيٌّ عنه، فكان إيراد الآية هاهنا تعميمًا لها حَتَّى يدخل فيه تلك الجزئيَّة، وأنَّ التَّنَاجي لا بدَّ أن(1) يكون على حسب قواعده المقرَّرة وآدابه المعلومة دلَّ عليه الآيةُ الثَّانية، فإنَّ خُصُوصَ تَقْدِيم الصَّدقة وإن كان مَنْسُوخًا، غير أنَّ ما تضمَّنته هذه الآية مِنْ كون النَّجوى على حسب الآداب غير منسوخ، سواء كان(2) النَّجوى بالرسول صلعم أو غيره. انتهى.
          وذكر في هامش «الكوكب الدُّرِّيِّ» في شرح حديث الباب سبعة أبحاث: الأوَّل: علَّة النَّهي. والثَّاني: ما قال بعضهم: إنَّ هذا الحكم منسوخ. والثَّالث: ما قال الجمهور: لا فرق في ذلك بين السَّفر والحضر. / والرَّابع: أنَّ ذكر الاثنين في أحاديث الباب ليس بقيد احترازيٍّ. والخامس: أنَّ النَّهي إذا كان بغير رضا الثَّالث. والسَّادس: لا يجوز لأحد أن يدخل على المتناجيين في حال تناجيهما. والسَّابع: هل [النَّهي] للتَّحريم أو للتَّنزيهِ؟ بسط الكلام في هذه المباحث في هامش «الكوكب»، فارجع إليه لو شئت.


[1] في (المطبوع): ((وأن)).
[2] في (المطبوع): ((كانت)).