التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب تتمة شرح غريب الآيات [27-92]

          قوله: (وَالظِّهْرِيُّ: أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وِعَاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ)، اعلم أنَّ (الظهير): المُعِينُ، ومنه قوله تعالى: {بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}[التحريم:4]، وإنَّما لم يجمعه؛ لأنَّ (فَعِيلًا) و(فَعُولًا) قد يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث والجمع؛ كما قال تعالى: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:16]، قال الأصمعيُّ: [يقال]: بعيرٌ ظهيرٌ، بيِّنُ الظَّهارة(1)؛ إذا كانا قويًّا، وناقةٌ ظهيرةٌ، _قال:_ والبعير الظِّهْريُّ: العُدَّة للحاجة إن احتيج [إليه](2)، وجمعه (ظهارِيُّ) غير مصروف؛ لأنَّ ياء النسبة ثابتةٌ في الواحد، و(الظِّهْريُّ): الذي تجعله بظهرٍ؛ أي: تنساه، ومنه قوله تعالى: {وَرَاءكُمْ ظِهْرِيًّا}.
          قوله: ({إِجْرَامِي}: مِنْ أَجْرَمْتُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: جَرَمْتُ) انتهى: قال الجوهريُّ: (الجُرمُ: الذنبُ، والجريمةُ مثلُهُ، تقول منه: جرَم، وأَجْرم، واجْتَرم؛ بمعنًى)، وأمَّا (بعضهم)؛ فقال بعض حفَّاظ المِصْريِّين مِنَ المتأخِّرين: (هكذا ذكره أبو عُبَيدة في «المجاز»)، انتهى.
          قوله: (الفُلْكُ وَالْفُلُكُ(3) وَاحِدٌ): الأوَّل في أصلنا بإسكان اللام، والثاني بضمِّها، وبخطِّ الشيخ أبي جعفر: (كلاهما بضمِّ الفاء، وإسكانِ اللام)، قال ابن قُرقُول: («{الْفُلْكَ} والفَلَك واحدٌ» _يعني: الأوَّل بضمِّ الفاء، وإسكان اللام، والثاني: بفتح الفاء واللام_: كذا لبعض الرُّواة عنه، وعند آخرين: «الفُلْك والفُلْك واحدٌ»، وهو الصَّوابُ؛ _يعني: أنَّهما بضمِّ الفاء، وإسكانِ اللام، قال:_ أي: الواحدُ والجمعُ واحدٌ، وهو مراد البُخاريِّ بقوله: «وَهيَ السَّفِينَةُ وَالسُّفُنُ»؛ أي: الفُلْك: السفينة، والفُلْك أيضًا: هي السُّفن؛ أي: الواحد والجمع بلفظٍ واحدٍ، وقد قيل: واحده «فَلك»، وقد تَقَدَّم آنفًا، وقد يخرَّج على هذه الرواية الأخرى)، انتهى، وقال شيخُنا: (قال ابن التِّين: ضبط في بعض الأمَّهات بالإسكان، وفي بعضها بالفتح، وهو أبيَن)، انتهى. /
          قوله: ({مَجْرَاهَا}(4): مَدْفَعُهَا): (مُجرى): بضمِّ الميم، قال ابن قُرقُول: («ومُـَرسيها: مُـَوقفها» كذا عندهم(5) للمَرْوزيِّ، وعلى الميم الرفع والنصب، وعند الجُرجانيِّ: «{وَمُرْسَاهَا}: مُوقِفها»، ثُمَّ قال: «ويُقرَأ: ▬مَرساها↨: مِنْ رَسَتْ، و{مَجْرَاهَا}: مِن جَرَتْ»، وكلامُه يدلُّ على أنَّ الميماتِ أوَّلًا مضموماتٌ، وأنَّه اسمُ فاعلِ ذلك بها، [و]لغير الأصيليِّ تلك الكلمات ساقطة، وإنَّما عندهم: «{مُجْرَاهَا}: موقفها»)، انتهى، وقد قرأ حفصٌ، وحمزةُ، والكسائيُّ: {مَجْرَاهَا}؛ بفتح الميم، والباقون بضمِّها.
          قوله: (وَيُقْرَأُ: ▬مَرْسَاهَا↨ مِنْ رَسَتْ هِيَ، و{مَجْرَاهَا} مِنْ جَرَتْ هِيَ): هو بفتح الميم، وقد تَقَدَّم مَن قرأ بذلك أعلاه.
          قوله: (وَمُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا مِنْ فُعِلَ بِهَا): هما بضمِّ الميم، قال الجوهريُّ في (جرى): (وقوله ╡: {مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا}: هما مصدران مِن أَجْرَيْتُ السفينة، وأَرْسَيْتُ، و{مَجْرَاهَا} و▬مَرساها↨؛ بالفتح، مِن جرتِ السفينةُ ورَسَتْ)، انتهى.
          وقوله: (فُعِلَ بِهَا): هو بضمِّ الفاء، وكسر العين، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.


[1] في (أ): (الظهار)، والمثبت من مصدره.
[2] (إليه): كُتب في (أ) ثمَّ ضُرب عليه، والمثبت من مصدره.
[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و(ق) مصحَّحًا بالقلم: (الفَلَك)، وعليها كلام بالهامش مطموس.
[4] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: ({مَجْرَاهَا})، وهي غير واضحة في (ق).
[5] كذا في (أ) تبعًا لمصدره، وفي «مشارق الأنوار» ░2/52▒: (عنده).