شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله

          ░53▒ باب مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ(1) مِمَّا سَأَلَهُ.
          فيه: ابْن عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَل النبي صلعم مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟ فَقَالَ: (لا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلا الْعِمَامَةَ وَلا السَّرَاوِيلَ وَلا الْبُرْنُسَ وَلا ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرانُ أو الْوَرْسُ(2)، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ). [خ¦134]
          قال المُهَلَّب: فيه من الفقه أنه يجوز للعالم إذا سئل عن(3) الشيء أن يجيب بخلافه إذا كان في جوابه بيان ما سئل عنه وتحديده، ألا ترى أن النبي(4) صلعم سئل عما يلبس المحرم، فأجاب بما لا يلبس إذ معلوم أن ما سوى ذلك مباح للمحرم، وأما الزيادة على سؤال السائل فقوله صلعم: (فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أسْفَلَ مِن الْكَعْبَيْنِ) فهذه زيادة وإنما زاده ◙(5) لعلمه بمشقة السفر وقلة وجود(6) ما يُحتاج إليه من الثياب فيه ولِمَا يلحق الناس من الحَفَا بالمشي رحمة لهم وتنبيهًا على منافعهم، وكذلك يجب للعالم أن ينبه الناس في المسائل على ما ينتفعون به ويتسعون فيه ما لم يكن ذريعة إلى ترخيص شيء(7) من حدود الله تعالى، ونهيه له(8) عن الوَرْسِ والزعفران قطع(9) للذريعة إلى الطيب للمحْرِم لما فيهما من دواعي النساء وتحريك اللذة، والله الموفق، آخر كتاب العلم(10).


[1] في (م): ((أكثر)).
[2] في (م): ((والورس)).
[3] في (م): ((للعالم يُسأل عن)).
[4] في (ص): ((الرسول)).
[5] قوله: ((◙)) ليس في (ص).
[6] قوله: ((وجود)) ليس في (ص).
[7] في (م): ((بشيء)).
[8] قوله ((له)) ليس في (م).
[9] في (م) و (ص): ((قطعًا)).
[10] قوله ((آخر كتاب العلم)) ليس في (م).