شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من جعل لأهل العلم أيامًا

          ░12▒ باب مَنْ جَعَلَ لأهْلِ الْعِلْمِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً.
          فيه: أَبُو وَائِلٍ، قَالَ(1): (كَانَ عَبْدُ اللهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ في كُلِّ خَمِيسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوَددْنَا أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا في كُلِّ يَوْمٍ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ(2) بِالْمَوْعِظَةِ كَمَا كَانَ النبي صلعم(3) يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا(4)). [خ¦70]
          قال ابن السِّكِّيت: معنى قوله (يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ) أي يصلحنا ويقوم علينا بها، ومنه قول العرب: إنه لخالُ مالٍ، وخائلُ مالٍ، وقد خالَ المالَ يَخُوْلُهُ: أحسن القيامَ عليه.
          قال أبو الزناد: أراد ◙ الرفق بأمته ليأخذوا الأعمال بنشاط وحرص عليها، وقد وصفه الله تعالى بهذه الصفة فقال: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[التوبة:128]ومثل هذا الحديث أمره ◙ أن لا يصلي أحد وهو ضام بين وركيه، وقوله: ((ابدؤوا بالعَشاء قبل الصلاة)) لئلا يشتغل(5) عن الإقبال على الصلاة وإخلاص النية فيها. وفي حديث عبد الله ما كان عليه الصحابة ♥ من الاقتداِء بالنبي صلعم والمحافظةِ على استعمال سُنته على حسب معاينتهم لها منه، وتجنب مخالفته لعلمهم بما في موافقته من عظيم الأجر(6) وما في مخالفته من شديد الوعيد والزَّجر.


[1] قوله ((قال)) ليس في (م).
[2] في (ص): ((أخولكم)).
[3] في (ص): ((كما كان ◙)).
[4] في (م): ((في كل يوم خميس، فقيل له: لوددت أنك ذكرتنا كل يوم، قال: إنه يمنعني من ذلك كراهة أن أملِّك، وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي صلعم يتخولنا بها كراهة السآمة علينا)).
[5] قوله: ((لئلا ينشغل)) مخروم في (ص).
[6] قوله: ((لها منه وتجنب...من عظيم الأجر)) ليس في (ص).