شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب رفع العلم وظهور الجهل

          ░21▒ باب رَفْعِ الْعِلْمِ وَظُهُورِ الْجَهْلِ، وَقَالَ رَبِيعَةُ: لا يَنْبَغِي لأحَدٍ عِنْدَهُ شيء مِنَ الْعِلْمِ(1)(2) يُضَيِّع نَفْسَهُ.
          وفيه(3): أَنَس قَالَ: لأحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُ رسول الله صلعم(4) يَقُولُ: (إِن مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ وَيَقِلَّ الرِّجَالُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ). [خ¦80]
          يحتمل(5) قول أنس: (لا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي) أن يكون لأجلِ طول عمره وأنه لم يبق من أصحاب النبي صلعم(6) غيره، ويمكن أن يكون قاله لما رأى من التغيير ونقص العلم، فوعظهم بما سمع من النبي صلعم في نقص العلم أنه من أشراط الساعة ليحضهم على طلب العلم، ثم أتى بالحديث على نصه.
          ومعنى قول ربيعة: أن من كان له قبولٌ للعلم وفهمٌ له فقد لزمه من فرض طلب العلم ما لا يلزم غيره، فينبغي له أن يجتهد فيه ولا يضيع طلبه فيضيع نفسه.


[1] في (م): ((عنده من العلم شيء))، وزاد في (م) و (ص) بعدها: ((أن)).
[2] زاد في (م): ((أن)).
[3] في (م): ((فيه)).
[4] في (م): ((سمعت النبي ◙))، وفي (ص): ((سمعت رسول الله)).
[5] في (م): ((قال يحتمل)).
[6] في (م): ((لم يبق من سمعه من النبي ◙))، قوله: ((صلعم)) ليس في غيره.