شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قول الله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}

          ░47▒ باب قَوْل الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا}[الإسراء:85]
          فيه: عَبْدُ اللهِ قَالَ(1): (بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ النبي صلعم فِي خِرَبِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ على عَسِيبٍ مَعَهُ، فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فقَالَ(2) بَعْضُهُمْ: لا تَسْأَلُوهُ، لا يَجِيءُ فِيهِ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَنَسْأَلَنَّهُ(3)، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا الرُّوحُ؟ فَسَكَتَ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ، فَلَمَّا انْجَلَى عَنْهُ قَالَ: {وَيَسْأَلُونَكَ(4) عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيْلًا}[الإسراء:85]) قَالَ الأعْمَشُ: هَكَذَا فِي قِرَاءَتِنَا(5). [خ¦125]
          قال المُهَلَّب: هذا يدل على أن من العلم أشياء لم يُطلع الله ╡(6) عليها نبيًّا ولا غيره، أراد الله تعالى أن يختبر بها خلقه فيوقفهم على العجز عن علم ما لا يدركون حتى يضطرهم إلى رد العلم إليه، ألا تسمع قوله تعالى: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ}[البقرة:255]فعِلْمُ الروح مما لم يشأ تعالى أن يطَّلِعَ عليه أحدٌ(7) من خلقه.


[1] قوله ((قال)) ليس في (م).
[2] في (م): ((وقال)).
[3] قوله ((فقال بعضهم لنسألنه)) ليس في (م).
[4] في (ز): ((يسألونك)) والمثبت من (م) و (ص).
[5] في (م): (({إلا قليلًا} هكذا قرأها الأعمش)).
[6] قوله: ((╡)) ليس في (ص).
[7] في (م): ((يُطلِعَ عليه أحدًا)).