شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما ذكر في ذهاب موسى في البحر إلى الخضر

          ░16▒ بَاب مَا ذُكِرَ في ذَهَابِ مُوسَى في الْبَحْرِ إلى الْخَضِرِ، وَقَوْله: {هَلْ أَتَّبِعُكَ على أَنْ تُعَلِّمَنِ(1)}[الكهف:66]الآية.
          وفيه: ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ(2) في صَاحِبِ مُوسَى ◙(3)، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا في صَاحِبِ مُوسَى الذي سَأَلَ مُوسَى ◙(4) السَّبِيلَ إلى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ النبي صلعم يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ النبي صلعم يَذْكُرُ شَأْنَهُ يَقُولُ: ((بَيْنَمَا(5) مُوسَى في مَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ(6): تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ مُوسَى(7): لا، فَأَوْحَى اللهُ ╡(8) إلى مُوسَى(9):بلى(10) عَبْدُنَا خَضِرٌ؛ فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ اللهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ)) وذكر الحديث. [خ¦74]
          فيه(11) من الفقه السفر والرحلة في طلب العلم في البرِّ والبحر، وقد ترجم له بذلك وزاد فيه أن جابر بن عبد الله رَحَلَ مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد، يعني حديث السَّتر على المسلم، وفيه: جواز التماري في العلم إذا كان كل واحدٍ يطلب الحقيقة ولم يكن مُعنِّتًا(12)، وفيه الرجوع إلى قول أهل العلم عند التنازع، وفيه أنه يجب على العالم الرغبة في التزيُّد من العلم والحرص عليه، ولا يقنع بما عنده كما فعل موسى صلعم(13) ولم يكتف بعلمه، وفيه أنه يجب على حامل العلم لزوم التواضع في علمه وجميع أحواله لأن الله تعالى عتب على موسى حين لم يردَّ العلم إليه وأراه من هو أعلمُ منه، وفيه حمل الزاد وإعداده في السفر بخلاف قول الصوفية.


[1] زاد في (م) و (ص): ((مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا)).
[2] قوله ((ابْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ)) ليس في (م).
[3] في (م): ((صلعم)).
[4] قوله: ((◙)) ليس في (ص).
[5] في (م): ((إلى لُقِيِّه، قال سمعت النبي صلعم بينما))، وفي (ص): ((سئل)) بدل: ((بينما)).
[6] زاد في (م): ((له هل))، وفي (ص): ((فقال: هل)).
[7] في (م): ((فقال له موسى)).
[8] قوله ((╡)) ليس في (م) و (ص).
[9] في (ص): ((فأوحى الله إليه)).
[10] قوله: ((بلى)) زيادة من (م) و (ص).
[11] في (م): ((قال المؤلف: فيه)).
[12] في (ص): ((متعنتا)).
[13] قوله: ((صلعم)) ليس في (ص).