شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب تحريض النبي وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان

          ░25▒ باب تَحْرِيضِ النبي صلعم وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ على(1) أَنْ يَحْفَظُوا الإيمَانَ وَالْعِلْمَ وَيُخْبِرُوا(2) مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَقَالَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ، قَالَ لَنَا النبي صلعم: (ارْجِعُوا إلى أَهْلِيكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ).
          فيه: ابْن عَبَّاسٍ: (إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوُا النبي صلعم(3) فَقَالوا: يا رسول الله إِنَّا لا نَسْتَطِيعُ أَنْ نصل إليك إِلا فِي الشَهْر(4) الحَرَام، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نُخْبِر بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، نَدْخُل بِهِ الْجَنَّةَ، فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَع وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ) وذكر الحديث وقال: (احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَكُمْ). [خ¦87]
          فيه من الفقه أن من علم علمًا أنه يلزمه تبليغه لمن لا يعلمه، وهو اليوم من فروض الكفاية لظهور الإسلام وانتشاره، وأما في أول الإسلام فكان فرضًا معينًا على كل من علم علمًا أن يبلغه حتى يكمل الإسلام ويظهر على جميع الأديان ويبلغ مشارق الأرض ومغاربها كما أنذر به أمته صلعم(5)، فلزم العلماءَ في بدء الإسلام من فرض التبليغ فوق ما يلزمهم اليوم؛ وفيه أنه يلزم المؤمن تعليم أهله الإيمان والفرائض لعموم قوله صلعم: (وَأَخْبِرُوا به مَنْ وَرَاءَكُمْ) ولقوله تعالى: {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}[التحريم:6]ولأن الرجل راع على أهله ومسؤول عنهم، وقد تقدم الكلام في حديث وفد عبد القيس في باب أداء الخمس من الإيمان في آخر كتاب الإيمان فأغنى عن إعادته، وسيأتي شيء منه في باب(6) خبر الواحد إن شاء الله ╡.


[1] قوله ((على)) ليس في (م).
[2] في (م): ((وأن يخبروا)).
[3] في (م): ((قدموا على النبي ◙)).
[4] في (م): ((شهر)).
[5] في (م): ((كما أنذر به ◙ أمته)).
[6] في (م): ((كتاب)).