شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب متى يصح سماع الصغير

          ░18▒ باب مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ؟
          فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: (أَقْبَلْتُ رَاكِبًا على حِمَارٍ أَتَانٍ _وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلامَ_ وَرَسُولُ اللهِ صلعم يُصَلِّي بِمِنًى إلى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّف، وَأَرْسَلْتُ الأتَانَ تَرْتَعُ، فَدَخَلْتُ(1) في الصَّفِّ(2)، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيَّ(3)). [خ¦76]
          وفيه: مَحْمُود بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: (عَقَلْتُ مِنَ النبيِّ صلعم مَجَّةً مَجَّهَا في وَجْهي وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ). [خ¦77]
          قال صاحب «العين»: مَجَّ الشَراب من فيه رمى به، وقال المُهَلَّب: فيه جواز سماع الصغير وضبطه للسُّنن، وفيه جواز شهادة الصبيان بعد أن يكبَروا فيما علموه في حال الصغر، وقال أبو(4) عبد الله بنُ أبي صُفرة: أخرج البخاري في هذا الباب حديث ابن عباس ومحمود بن الربيع، وأصغر سنًّا منهما عبد الله بن الزبير ولم(5) يخرجه، يوم رأى أباه يختلف إلى بني قريظة في غزوة الخندق فقال لأبيه: يا أبتاه رأيتك تختلف إلى بني قريظة، فقال: يا بني إن النبي صلعم أمرني أن آتيه بخبرهم، والخندق على أربع سنين من الهجرة، وعبد الله أول مولود ولد في الهجرة.
          قال المُهَلَّب: فيه(6) أن التقدم إلى القعود لسماع الخطبة إذا لم يضر أحدًا والخطيب يخطب جائز بخلاف إذا تخطى رقابهم، وفيه أن الصاحب إذا فعل بين يدي النبي صلعم(7) شيئًا ولم ينكره فهو حجة يُحكم به، وفيه جواز الركوب إلى صلاة(8) الجماعة والعيدين، وفيه أن الإمام يجوز أن يصلي إلى غير سُترة، وذلك يدل أن الصلاة لا يقطعها شيء، وسيأتي اختلاف العلماء في المرور بين يدي المصلِّي في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى(9).


[1] في (ص): ((ودخلت)).
[2] قوله ((فدخلت في الصف)) ليس في (م).
[3] زاد في (م): ((أحد)).
[4] قوله ((أبو)) زيادة من (م) و (ص).
[5] في (م): ((لم)).
[6] في (م): ((وفيه)).
[7] في (ص): ((يدي الرسول)).
[8] في (م): ((صلوات)).
[9] في (ص): ((بين يدي المصلي إن شاء الله)).