شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من بايع رجلًا لا يبايعه إلا للدنيا

          ░48▒ باب: مَنْ بَايَعَ رَجُلًا لا يُبَايِعُهُ إِلا لِلدُّنْيَا
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ(1) صلعم: (ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ على فَضْلِ مَاءٍ بِطَّرِيقِ يَمْنَعُ مِنْهُ(2) ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا؛ فَإِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وفَّى لَهُ وَإِلَّا لَمْ يَفِ لَهُ، وَرَجُلٌ يُبَايِعُ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ بِاللهِ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ، فَأَخَذَهَا وَلَمْ يُعْطَ بِهَا).
          في هذا الحديث وعيدٌ شديدٌ في الخروج على الأئمَّة ونكث بيعتهم لأمر الله تعالى بالوفاء بالعقود؛ إذ في ترك الخروج عليهم تحصين الفرُوج والأموال وحقن الدماء، وفي القيام عليهم تفرُّق الكلمة وتشتيت الألفة.
          وفيه: فساد الأعمال إذا لم يرد بها وجه الله ╡ وأريد بها عرض الدنيا، وهذا في معنى قوله صلعم: ((الأعمال بالنيَّات)).
          وفيه: عقوبة من منع ابن السبيل فضل ماءٍ عنده، ويدخل في معنى الحديث منع غير الماء وكلِّ ما بالناس الحاجة إليه.
          وفيه: تحريم مال المسلم(3) إلَّا بالحقِّ.
          وفيه: عقوبة الحلف بالله كاذبًا، وإنَّما خصَّ به العصر؛ لأنَّه الوقت الذي ترتفع فيه ملائكة النهار / بأعمال العباد.


[1] في (ص): ((رسول الله)).
[2] في (ص): ((بطريق يمنعه)).
[3] في (ص): ((المسلمين)).