شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه دون الإمام الذي فوقه

          ░12▒ باب: الْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِالْقَتْلِ على مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دُونَ الإمَامِ الذي فَوْقَهُ
          فيه: أَنَسٌ: (إِنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبيِّ صلعم بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِة مِنَ الأمِيرِ). [خ¦7155]
          وفيه: أَبُو مُوسَى أَنَّ النَّبيَّ صلعم بَعَثَهُ وَأَتْبَعَهُ بمُعَاذِ(1) بنِ جَبَلٍ. [خ¦7156]
          وفيه: أَبُو مُوسَى: أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ فَأَتَاه مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهُوَ عِنْدَ أبي مُوسَى، فَقَالَ: مَا لِهَذَا؟ قَالَ(2): أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، قَالَ: لا أَجْلِسُ حَتَّى أَقْتُلَهُ. [خ¦7157]
          اختلف العلماء في هذا الباب فقال ابن القاسم في «المجموعة»: لا يقيم الحدود في القتل ولاة المياه، وليجلب إلى الأمصار ولا يقام القتل بمصر كلِّها إلَّا بالفسطاط أو يكتب إلى والي الفسطاط بذلك. وقال أشهب: من ولَّاه الأمير وجعله واليًا على بعض المياه، وجعل ذلك إليه فليقم الحدَّ في القتل والقطع وغيره، وإن لم يجعله إليه فلا يقيمه.
          وذكر الطحاويُّ عن أصحابه الكوفيِّين قال: لا يقيم الحدود إلَّا أمراء الأمصار وحكَّامها، ولا يقيمها عامل السواد ونحوه. وذكر عن مالكٍ قال: لا يقيم الحدود كلُّ الولاة في الأمصار والسواد. وقال الشافعيُّ: إذا كان الوالي عدلًا يضع الصدقة مواضعها فله عقوبة من غلَّ صدقته، وإن لم يكن عدلًا لم يكن له أن يعزِّره.
          والحجَّة لمن رأى للحاكم والوالي إقامة الحدود دون الإمام الذي فوقه حديث معاذٍ أنَّه قتل المرتدَّ دون أن يرفع أمره إلى النبيِّ صلعم.
          وذهب الكوفيُّون إلى أن القاضي حكمه حكم الوكيل لا تنطلق يده إلَّا على ما أذن له فيه وأطلق عليه، وحكمه عند من خالفهم حكم الوصيِّ له التصرُّف في كلِّ شيءٍ، وتنطلق يده على النظر في جميع الأشياء ما لم يستثن عليه وجهها(3)، فلا يجوز أن ينظر فيه.


[1] في (ص): ((وأتبعه معاذ)).
[2] في (ص):((قالوا)).
[3] في (ص): ((وجه)).