شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الحكم في البئر ونحوها

          ░30▒ باب: الْحُكْمِ في الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا.
          فيه: عَبْدُ اللهِ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ(1) صلعم: (لا يَحْلِفُ على يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ مَالًا وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، إِلَّا لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ. فَأَنْزَلَ اللهُ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثمنًا قليلًا(2)} الآية[آل عِمْرَان:77]، فَجَاءَ الأشْعَثُ وَعَبْدُ اللهِ يُحَدِّثُهُمْ فَقَالَ: فيَّ نَزَلَتْ، وفي رَجُلٍ خَاصَمْتُهُ في بِئْرٍ) الحديث. [خ¦7183] [خ¦7184]
          وذكر في كتاب الأيمان والنذور أنَّ البئر كانت للأشعث في أرض ابن عمِّه فادَّعى له في البئر. وهذا الحديث حجَّةٌ في أنَّ حكم الحاكم بالظاهر(3) لا يحلُّ الحرام ولا يبيح المحظور، ألا ترى أنَّ النبيَّ صلعم حذَّر أمَّته عقوبة من اقتطع حقَّ أخيه بيمينٍ فاجرةٍ، وأنَّ(4) جزاءه غضب الله عليه، وقد توعَّد الله تعالى على ذلك بضروبٍ من العقوبة فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله ِوَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(5)[آل عِمْرَان:77]وهذا من أشدِّ وعيدٍ جاء في القرآن، فدلَّ ذلك على(6) أنَّ من تحيَّل على أخيه وتوصَّل إلى شيءٍ من حقِّه بباطلٍ فإنَّه لا يحلُّ له لشدَّة الإثم فيه.


[1] في (ص): ((رسول الله)).
[2] قوله: ((ثمنًا قليلًا)) ليس في (ص).
[3] في (ص): ((في الظاهر)).
[4] في (ص): ((أن)).
[5] قوله: (({وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ اللهُ... وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ})) ليس في (ص).ومكانه في (ص): ((الآية)).
[6] قوله: ((على)) ليس في (ص).