شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما يكره من الحرص على الإمارة

          ░7▒ باب: مَا يُكْرَهُ مِنَ الْحِرْصِ على الإمَارَةِ
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ لَهُ النَّبيُّ صلعم: (إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ على الإمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَ(1) الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ). [خ¦7148]
          وفيه: أَبُو مُوسَى: (دَخَلْتُ على النَّبيِّ صلعم أَنَا وَرَجُلانِ مِنْ قَوْمِي، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: أَمِّرْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، وقَالَ(2) الآخَرُ مِثْلَهُ، فَقَالَ: إِنَّا لا نُوَلِّي هَذَا مَنْ سَأَلَهُ ومَنْ حَرَصَ(3) عَلَيْهِ). [خ¦7149]
          قال المُهَلَّب: حرص الناس على الإمارة ظاهر العيان، وهو الذي جعل الناس / يسفكون عليها دماءهم، ويستبيحون حريمهم، ويفسدون في الأرض حين يصلون بالإمارة إلى لذَّاتهم، ثمَّ لابدَّ أن يكون فطامهم إلى السوء وبئس الحال؛ لأنَّه لا يخلو أن يقتل عليها أو يعزل عنها وتلحقه الذلَّة أو يموت عليها فيطالب في الآخرة فيندم.
          والحرص الذي اتَّهم النبيُّ صلعم صاحبه ولم يولِّه هو أن يطلب من الإمارة ما هو قائمٌ لغيره متواطئًا عليه، فهذا لا يجب أن يُعَان عليه ويُتَّهم طالبه، وأمَّا إن حرص على القيام بأمرٍ ضائعٍ من أمور المسلمين، أو حرص على سدِّ خلَّةٍ فيهم، وإن كان له أمثال في الوقت والعصر لم يتحرَّكوا لهذا فلا بأس أن يحرص على القيام بالأمر الضائع ولا يُتَّهم هذا إن شاء الله تعالى. وبيَّن هذا المعنى حديث خالد بن الوليد حين أخذ الراية من غير إمرةٍ ففتح له.


[1] في (ص):((فنعمت)).
[2] في (ص):((فقال)).
[3] في (ص):((ولا من حرص)).