شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب بيع الإمام على الناس أموالهم وضياعهم

          ░32▒ باب: بَيْعِ الإمَامِ على النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَضِيَاعَهُمْ.
          وَقَدْ بَاعَ(1) النَّبيُّ صلعم مُدَبَّرًا مِنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ.
          فيه: جَابِرٌ: (بَلَغَ النَّبيَّ صلعم أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَعْتَقَ غُلامًا عَنْ دُبُرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُ، فَبَاعَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيهِ بِثَمَنِهِ). [خ¦7186]
          قال المُهَلَّب: إنَّما يبيع الإمام على الناس أموالهم إذا رأى منهم سفهًا في أحوالهم؛ فأمَّا من ليس بسفيهٍ فلا يباع عليه شيءٌ من ماله إلَّا في حقٍّ يكون عليه، وهذا البيع الذي وقع في المدبر إنَّما نقضه صلعم؛ لأنَّه لم يكن له مالٌ غيره، فخشي عليه الموت بالحجاز(2) دون قوتٍ لقوله ╡: {وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إلى التَّهْلُكَةِ}[البقرة:195]، فلمَّا رآه النبيُّ صلعم قد أنفق جميع ذات يده في المدبَّر وأنَّه تعرَّض للتهلكة(3) نقض عليه فعله، كما قال الله ╡(4) ونهى عنه، ولم ينقض على الذي قال له: ((قل: لا خلابة))؛ لأنَّه لم يفوِّت على نفسه جميع ماله.


[1] في (ص): ((بايع)).
[2] في (ص): ((في الحجاز)).
[3] في (ص): ((للهلكة)).
[4] في (ص): ((كما قال تعالى)).