شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من بايع ثم استقال البيعة

          ░47▒ باب: مَنْ بَايَعَ واسْتَقَالَ الْبَيْعَةَ.
          فيه: جَابِرٌ: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ النَّبيَّ صلعم على الإسْلامِ(1)، فَأَصَابَ الأعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى النَّبيَّ صلعم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَقِلْنِي بَيْعَتِي. فَأَبَى رَسُولُ اللهِ صلعم، قَالَهَا ثَلاَثًا، فَخَرَجَ الأعْرَابِيُّ، فَقَالَ النَّبيُّ(2) صلعم: إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَتَنْصَعُ طِيبُهَا). [خ¦7211]
          وترجم له باب من نكث بيعته وقوله ╡: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ}(3) الآية[الفتح:10].
          قال المؤلِّف(4): إنَّما لم يقله النبيُّ صلعم؛ لأنَّ الهجرة كانت فرضًا، وكان ارتدادهم عنها من أكبر الكبائر، ولذلك دعا لهم النبيُّ صلعم فقال: ((اللَّهُمَّ(5) أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردَّهم على أعقابهم)).
          وفي هذا من الفقه أنَّه من عقد على نفسه أو على غيره عقدًا لله تعالى فلا يجوز له حلُّه؛ لأنَّ في حلِّه خروجًا إلى معصية الله، وقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود(6)، وقد تقدَّم هذا المعنى في آخر كتاب الحجِّ(7).


[1] قوله: ((على الإسْلامِ)) ليس في (ص).
[2] في (ص): ((رسول الله)).
[3] قوله: ((فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ)) ليس في (ص).
[4] قوله: ((قال المؤلف)) ليس في (ص).
[5] قوله: ((اللَّهُمَّ)) ليس زيادة من (ص).
[6] في (ص): ((بوفاء العقود)).
[7] في (ص): ((وقد تقدم في الحج)).