شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب أجر من قضى بالحكمة

          ░3▒ باب: أَجْرِ مَنْ قَضَى بِالْحِكْمَةِ
          وَقَوْلِهِ تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[المائدة:44].
          فيه: عَبْدُ اللهِ: قَالَ النَّبيُّ صلعم: (لا حَسَدَ إِلا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ على هَلَكَتِهِ في الْحَقِّ، وَآخَرُ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا). [خ¦7141]
          قال المؤلِّف: روي عن الشَّعبيِّ أنَّه سئل عن قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة:44]و {الظَّالِمُونَ}[المائدة:45]و {الْفَاسِقُونَ}[المائدة:47]فقال: الكافرون في أهل الإسلام، والظالمون في اليهود، والفاسقون في النصارى. وقال الحسن: نزلت في أهل الكتاب، تركوا أحكام الله تعالى كلَّها، يعني في الرجم والديات. قال الحسن: وهي علينا واجبةٌ. وقال(1) عطاءٌ وطاوسٌ: كفرٌ ليس ككفر الشرك، وظلمٌ ليس كظلم الشرك(2)، وفسقٌ ليس كفسق الشرك. قال إسماعيل بن إسحاق: وظاهر الآيات تدلُّ على أنَّ(3) من فعل مثل ما فعلوا، واخترع حكمًا خالف به حكم الله وجعله دينًا يعمل به فقد(4) لزمه مثل ما لزمهم من لزوم الوعيد حاكمًا كان أو غيره، ألا ترى أنَّ ذلك نسب إلى جملة اليهود حين عملوا فيه(5)؟
          قال المؤلِّف: ودلَّت الآيات على أنَّ من قضى بما أنزل الله تعالى فقد استحقَّ جزيل الأجر، ألا ترى أنَّ النبيَّ صلعم أباح حسده ومنافسته، فدلَّ أنَّ ذلك من أشرف الأعمال وأجلِّ ما تُقرِّب به إلى الله ╡، وقد روى ابن المنذر، عن محمَّد بن إسماعيل، حدَّثنا الحسن بن عليٍّ، حدَّثنا عِمْرَان القطَّان أبو العوَّام، عن أبي إسحاق الشيبانيِّ، عن ابن أبي أوفى قال: قال رسول الله صلعم: ((الله مع القاضي ما لم يجر؛ فإذا جار تخلَّى عنه، ولزمه الشيطان)).


[1] في (ص):((قال)).
[2] قوله: ((وظلم ليس كظلم الشرك)) ليس في (ص).
[3] في (ص):((تدل أن)).
[4] قوله((فقد))ليس في (ص).
[5] في (ص):((به)).