شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: من لم يسأل الإمارة أعانه الله

          ░5▒ باب: مَنْ لَمْ يَسْأَلِ الإمَارَةَ أَعَانَهُ اللهُ عَلَيْهَا
          فيه: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صلعم: (يَا عَبْدَالرَّحْمَنِ، لا تَسْأَلِ الإمَارَةَ فَإِنَّكَ إِنْ أُوتيتها عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَها عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ على يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأتِ الذي هُوَ خَيْرٌ). [خ¦7146]
          وترجم له باب من سأل الإمارة وُكِل إليها.
          قال المُهَلَّب: فيه دليلٌ على أنَّه من تعاطى أمرًا وسولَّت له نفسه أنَّه قائمٌ بذلك الأمر أنَّه يخذل فيه في أغلب الأحوال؛ لأنَّ(1) من سأل الإمارة لم يسألها إلَّا وهو يرى نفسه أهلًا لها، فقد قال النبيُّ صلعم: (وُكِلَ إِلَيهَا) بمعنى لم يُعَن على ما أعطي(2)، والتعاطي أبدًا مقرونٌ بالخذلان، وإنَّ من دُعِي إلى عملٍ أو إمامةٍ في الدين فقصَّر نفسه عن تلك المنزلة وهاب أمر الله رزقه الله المعونة، وهذا إنَّما هو مبنيٌّ على أنَّه من تواضع لله رفعه الله(3)، وذكر ابن المنذر من حديث أبي عوانة عن عبد الأعلى التغلبيِّ، عن بلال بن مرداسٍ الفزاريِّ، عن حميدٍ، عن أنسٍ، عن النبيِّ صلعم قال: ((من ابتغى القضاء واستعان عليه بالشفعاء وكل إلى نفسه، ومن أُكرِه عليه أنزل الله عليه(4) ملكًا يسدِّده)) وهذا تفسير قوله ◙: (أُعِنتَ عَلَيهَا)في حديث ابن سمرة.


[1] في (ص):((لأنه)).
[2] في (ص):((ما أعطاه)).
[3] قوله: ((الله)) لفظ الجلالة ليس في (ص).
[4] في (ص):((إليه)).