مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الضب

          ░33▒ باب الضب:
          فيه حديث ابن عمر ☻: قال النبي صلعم: ((الضب لست آكله)) الحديث، وسلف وهو مباح عند الشافعي ومالك، وكرهه أبو حنيفة.
          وحديث الباب صريح في الإباحة، وعلله بالعيافة.
          ولأبي داود، عن ابن عباس ☻: فجاءوا بضبين مشويين على ثمامتين، فبزق رسول الله صلعم، فقال له خالد: أخالك تقذره يا رسول الله. قال: ((أجل)).
          وفي ((الموطأ)) من حديث سليم بن يسار رفعه: ((من أين لكم هذا؟)) يعني: ضباباً فيها بيض، فقالت: أهدته إلى أختي هزيلة، فقال: ((كلا))، فقالا يعني ابن عباس وخالته / : قال: ((إني حضرني من الله حاضر يريد: الملائكة والضب له رائحة ثقيلة)). فكره أذى الملائكة، ذكره أبو القاسم في ((شرح الموطأ)).
          ولمسلم من حديث أبي سعيد مرفوعاً: ((إن الله غضب على سبط من بني إسرائيل فمسخهم دواب يدبون في الأرض، فلا أدري لعل هذا منها، فلست آكلها ولا أنهى عنها)).
          قال ابن حزم: أكل الضب حلال ولم ير أبو حنيفة أكله فنظرنا في ذلك فوجدناه.
          في (م): عن ابن مسعود، قيل: يا رسول الله، القردة والخنازير مما مسخ؟ فقال: ((إن الله لم يهلك قوماً أو يعذب قوماً فيجعل لهم نسلاً، وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك)) فصح يقيناً أن تلك المخافة منه في الضباب أن تكون مما مسخ قد ارتفعت وأنها ليست مما مسخ ولا مما مسخ شيء في صورتها فحلت.
          قال الطحاوي: فبين في هذا الحديث أن المسوخ لا يكون لها نسل ولا عقب فعلمنا بذلك أن الضب لو كان مسخاً لم يبق.
          وروي عن ابن عباس أنه قال: لم يعش مسخ قط فوق ثلاثة أيام ولم يأكل ولم يشرب.
          قال الطبري: وليس في الحديث أنه ◙ قطع أن الضب مسخ وإنما قال: أخشى أن تكون مسخت على صورة هذه وخلقتها، لا أنها بعينها فكرهها؛ لشبهها في الخلقة والصورة، خلقاً غضب الله عليه فغيره الله تعالى عن هيئته وصورته إلى صورتها، وعلى هذا التأويل يصح معنى قوله: إن المسخ لا يعقب.
          ومعنى (أعافه): أكرهه، والمحنوذ: المشوي، قوله: (فاجتررته)، هو بالجيم والراء المكررة، وفي نسخة بالزاي.
          و(الضب) حيوان بري معروف وهو بفتح الضاد.
          قال الداودي: هو دويبة صغيرة فوق الحية في الغلظ والطول، وكان أهل المدينة يأكلونها وكانت عند أحدهم خيراً من دجاجة، عن عمر ضب أحب إلي من دجاجة، وعبارة صاحب ((الغريبين)): هي دويبة تشبه الورل يأكله العرب، وهي لا ترد الماء، ومن عجائبه أن الذكر له ذكران والأنثى فرجان، ويشترك معه في هذه الخصيصة السقنقور وأن أسنانه لا تتبدل ولا تتقلع منها شيء، يقال: إنها قطعة واحدة.
          وأفاد ابن خالويه في كتاب ((ليس)): أنه يعيش سبعمائة سنة فصاعداً، ويقال: إنها تبول في كل أربعين يوماً قطرة.