مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب أكل كل ذى ناب من السباع

          ░29▒ باب أكل كل ذي ناب من السباع:
          فيه حديث مالك: عن الزهري، عن أبي إدريس، عن أبي ثعلبة: أن رسول الله صلعم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع تابعه يونس إلى آخره هذا الحديث أخرجه (م)، وانفرد بإخراجه (م) أيضاً من حديث أبي هريرة بلفظ: ((كل ذي ناب من السباع فأكله حرام)) واختلف في تأويل هذا الحديث، فذهب الكوفيون والشافعي إلى أن النهي فيه على التحريم، ولا يؤكل ذو الناب من السباع، ولا ذو المخلب من الطير، ولا تعمل الذكاة عند الشافعي في جلود السباع شيئاً، ولا يجوز الانتفاع بها إلا أن تدبغ.
          وذكر ابن القصار أن الذكاة عاملة في جلودها عند مالك وأبي حنيفة، فإن ذكي سبع فجلده طاهر يجوز أن يتوضأ منه ويجوز بيعه وإن لم يدبغ، والكلب بها، إلا الخنزير خاصة.
          والشافعي يحلل من السباع الضبع والثعلب خاصة؛ لأن نابهما ضعيف، ثم اختلفوا في النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع جميعها، أو بعضها: فقال الشافعي: إنما أراد به ما كان يعدو على الناس ويفترس مثل الأسد والذئب والكلب العادي وشبهه مما في طبعه في الأغلب أن يعدو / وما لم يكن يعدو، فلم يدخل في النهي، فلا بأس بأكله وعند الكوفيين النهي في ذلك على العموم، فلا يحل عندهم أكل شيء من سباع الوحش كلها ولا الهر الوحشي ولا الأهلي لأنه سبع ولا الضبع، ولا الثعلب؛ لعموم نهيه عن أكل كل ذي ناب من السباع قالوا: فما وقع عليه اسم سبع فهو داخل تحت النهي.
          وممن أجاز من السلف أكل الضبع والثعلب، روي عن عمر أنه كان لا يرى بأساً بأكل الضبع ويجعلها صيداً، وعن علي وسعد بن أبي وقاص وجابر، وأبي هريرة مثله. وقال عكرمة: لقد رأيتها على مائدة ابن عباس. وبه قال عطاء ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق.
          وأجاز الثعلب طاوس وقتادة، وقال أبو يوسف: لا بأس بأكل الوبر، وهو عندي مثل الأرنب؛ لأنه يعتلف البقول والنبات، وأجاز أكله طاوس وعطاء، وأجاز عروة وعطاء اليربوع، وكره الحسن أكل الفيل؛ لأنه ذو ناب، وأجاز أكله أشهب.
          واختلف في سباع الطير، فروى ابن وهب عن مالك أنه قال: لم أسمع أحداً من أهل العلم قديماً ولا حديثاً بأرضنا نهى عن أكل كل ذي مخلب من الطير.
          وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يؤكل.