مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة

          ░25▒ باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة:
          فيه خمسة أحاديث:
          1- حديث هشام بن زيد: دخلت مع أنس على الحكم بن أيوب، فرأى غلماناً أو صبياناً نصبوا دجاجة يرمونها الحديث وأخرجه (م) (د) (ن) (ق).
          والحكم هذا ابن عم الحجاج بن يوسف الثقفي، وزوج أخته زينب بنت يوسف التي كانت يشبب بها النميري، وكان الحجاج استعمله على البصرة.
          2- حديث ابن عمر ☻ أنه دخل على يحيى بن سعيد، وغلام من بني يحيى رابط دجاجة الحديث.
          3- حديث سعيد بن جبير قال: كنت عند ابن عمر ☻ فمروا بفتية الحديث وأخرجه (م) قال (خ): تابعه سليمان، وهذه المتابعة أسندها أبو نعيم الحافظ.
          4- وقال عدي، عن سعيد، عن ابن عباس، عن النبي صلعم هذا أخرجه (م) عن عبد الله بن معاذ، وعن أبيه، عن بندار عن غندر وابن مهدي ثلاثتهم عن شعبة، عن عدي، عن سعيد، وعدي هو: ابن ثابت، وسعيد هو: ابن جبير.
          5- ثنا حجاج بن منهال، أنا شعبة أخبرني عدي بن ثابت: سمعت عبد الله بن يزيد، عن النبي صلعم أنه نهى عن النهبة والمثلة.
          هذا رواه الإسماعيلي من حديث جماعة عن شعبة قلت: وعبد الله راويه هو ابن يزيد بن زيد بن حصين بن عمرو بن الحارث بن خطمة واسمه: عبد الله بن جشم بن مالك بن الأوس الأنصاري أبو موسى الخطمي وإنما سمي خطمة؛ لأنه ضرب رجلاً على خطمه، شهد الحديبية مع رسول الله، وهو ابن سبع عشرة، وشهد الجمل وصفين والنهروان مع علي وكان أميراً على الكوفة.
          قال (د) فيما حكاه الآجري: له رؤية، سمعت يحيى بن معين يقوله، قال: وسمعت مصعباً الزبيري يقول: عبد الله بن يزيد الخطمي ليس له صحبة، وهو الذي قتل الأعمى أمه، وهو الطفل الذي سقط بين رجليها، التي سبت رسول الله صلعم، من طريق عكرمة عن ابن عباس.
          وقال أبو حاتم: روى عن رسول الله صلعم وكان صغيراً على عهده / ، وأصل الصبر: الحبس، وكل من حبس شيئاً فقد صبره، ومنه قيل للرجل يقدم فيضرب عنقه: قتل صبراً يعني: أمسك للموت. ويقال: صبر عند المصيبة يصبر صبراً. وصبرته أنا حبسته، والصبير: الكفيل تقول منه: صبرت أصبر بالضم صبراً وصبارة أي: كفلت. والصبير: السحاب الأبيض لا يكاد يمطر.
          والمجثمة: المصبورة أيضاً، قاله أبو عبيد، ولا يكون إلا في الطير والأرانب وأشباه ذلك مما يجثم بالأرض والجثوم: الانتصاب على الأرض، وكذا في ((الصحاح))، وعبارة ابن فارس: المجثمة هي الطير المصبورة على الموت.
          والنهبى: اسم ما ينهب، وهو الأخذ من الغنيمة وقال صاحب ((المطالع)): هو اسم الانتهاب، وهو أخذ الجماعة الشيء اختطافاً.
          وهذا النهي نهي تحريم لقوله في رواية ابن عمر لعن الله من فعل هذا.
          وقال المهلب: وهذا إنما هو نهي عن العبث في الحيوان وتعذيبه بغير شروع، وأما تجثيمها للنحر وما شاكله فلا بأس به، وإنما يكره العبث؛ لحديث شداد بن أوس أنه ◙ قال: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته)) أخرجه (م) وذكره أبو هريرة أن تحد الشفرة والشاة تنظر إليها.
          وروي أنه ◙ رأى رجلاً أضجع شاة فوضع رجله على عنقها وهو يحد شفرته، فقال ◙: ((ويلك، أردت أن تميتها موتات، هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها)) وكان عمر بن الخطاب ينهى أن تذبح الشاة عند الشاة، وكرهه ربيعة أيضاً، ورخص فيه مالك.
          وقال الطبري: في نهيه عن صبر البهائم الإبانة عن تحريم قتل ما كان حلالاً أكله من الحيوان، إذا كان إلى تذكيته سبيل، وذلك أن رامي الدجاجة بالنبل ومتخذها غرضاً قد يخطئ رميه موضع الذكاة فيقتلها، فيحرم أكلها، وقاتله كذلك غير ذابحه ولا ناحره، وذلك حرام عند جميع الأمة، ومتخذه غرضاً مقدم على معصية الرب تعالى من وجوه:
          منها: تعذيب ما قد نهي عن تعذيبه، وتمثيله ما قد نهي عن التمثيل به، وإماتته بما قد حظر عليه إماتته منه، وإفساده من ماله ما كان له إلى إصلاحه والانتفاع به سبيل بالتذكية وذلك من تضييع المال المنهي عنه.
          وقال ابن عمر ☻: من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً لن يخرج من الدنيا حتى تصيبه قارعة.
          وذكر الطبري عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي صلعم نهى عن المجثمة، وقال: المجثمة التي التصقت بالأرض وحبست على القتل والرمي، فإذا جثمت من غير أن يفعل ذلك بها فهي جاثمة.