مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب صيد القوس

          ░4▒ باب صيد القوس
          وقال الحسن وإبراهيم: إذا ضرب صيداً... إلى آخره.
          ثم ساق حديث أبي ثعلبة الخشني قلت: يا نبي الله، إنا بأرض قوم... الحديث ورواه (م) والأربعة.
          وأثر الحسن أخرجه ابن أبي شيبة، عن هشيم، عن يونس عنه في رجل ضرب صيداً... إلى آخره.
          وأثر الأعمش أخرجه أبو بكر، عن عيسى عن زيد بن وهب ولفظه: سئل ابن مسعود عن رجل ضرب رجل حمار وحش.. إلى آخره.
          وقال الشافعي: إن قطعة قطعتين أكله وإن كانت إحداهما أكل من الأخرى إذا مات من تلك الضربة.
          وقال أبو حنيفة والثوري: إذا قطعه نصفين أكلا جميعاً، وإن قطع الثلث مما يلي الرأس أكلا جميعاً، وإن قطع الثلث الذي يلي العجز أكل الثلثين مما يلي الرأس ولا يأكل الثلث الذي يلي العجز.
          قال المهلب: وقول الكوفيين: لا أعلم / له وجهاً.
          واختلف في الأحبولة والشبكة يقع فيهما الصيد فيدركه صاحبه وقد مات.
          فقالت طائفة: لا يؤكل إلا أن يدرك ذكاته.
          هذا قول النخعي وعطاء وعمرو بن دينار وقتادة وربيعة والشافعي وكذلك قال ابن شهاب ومالك فيما قتلت الحبالة.
          وقد روينا عن الحسن بن أبي الحسن أنه رخص في ذلك، ذكر يونس عنه أنه كان لا يرى بصيد المناجل بأساً.
          وقال: يسم إذا نصبها، ولا يجوز أكل ما قتلته الأحبولة والمرضحة والشبكة، وقع به جراح أو لم يقع. هذا قول عوام أهل العلم والسنن يدل على ما قالوه، وقول الحسن قول شاذ لا معنى له.
          أجمع العلماء أن السهم إذا أصاب الصيد فجرحه وأدماه، وإن كان غير مقتل فجائز أكله.
          قوله في أثر الحسن وإبراهيم: (وتأكل سائره) أي: باقيه، هذه اللغة الصحيحة.
          وقد عاب الحريري في ((درته)) قول من زعم أن سائر بمعنى: الجميع، قدم سائر الحاج. قال: والدليل على صحة قولنا قوله ◙ لغيلان: ((اختر أربعاً منهن)) يعني من نسائه ((وفارق سائرهن)) قال: ولما وقع سائر بمعنى: الأكثر، منع بعضهم من استعماله بمعنى الباقي الأقل، والصحيح أنه يستعمل في كل باق قل أو كثر؛ لإجماع أهل اللغة على أن معنى قوله في الحديث: ((إذا شربتم فأسئروا)) أي: فأبقوا في الإناء بقية ماء؛ لأن المراد به أن يشرب الأقل ويبقي الأكثر.
          وقول إبراهيم: (إذا ضربت عنقه أو وسطه) هو بفتح السين.
          قال ابن فارس: (ضربت وسط رأسه) بالفتح، و(جلست وسط القوم) بالسكون؛ لأنه ظرف والأول اسم، وكذا في ((الصحاح)) قال: وكل موضع يصلح فيه (بين) بالسكون وإلا فبالتحريك.
          لما ذكر ابن التين قول الحسن وإبراهيم قال إنه مشهور مذهب مالك فكان ذكاة لجميعه بخلاف قطع اليد والرجل، قال: والحمار المذكور في حديث زيد المراد حمار وحش أما الأصلي فهو مبني على حل أكله ولكنه لا يصاد عند الأهلي بما يباح به الصيد فإن مذهب عبد الله الحمار الأيسي فإنه مباح أكله بما يباح به أكل الصيد.
          قال والدي ⌂:
          قوله: (التسمية) أي: تسمية الله تعالى عند إرسال الكلب على الصيد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} [المائدة:1] قال ابن عباس: هي العهود والمراد منها ما أحله الله وما حرمه.
          قال في ((الكشاف)): الظاهر أنها عقود الله عليهم في دينهم من تحليل حلاله وتحريم حرامه، وقال تعالى: {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [الحج:30] أي: إلا الخنزير والمتلو هو قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة:3] وقال: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} [المائدة:8] أي: لا تحملنكم عداوتهم على الصيد، وقال: {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ} [المائدة:3].
          (فالمنخنقة) هي التي تخنق حتى تموت (والموقوذة) التي تضرب بالخشب حتى تموت (والمتردية) هي التي تتردى من الجبل ونحوه فتموت (والنطيحة) ما تنطحه شاة أخرى فتموت وما أدركته من هذه الأربعة بعد الخنق والوقذ والتردي والنطح ومن غيرها فيه حياة مستقرة بأن يتحرك بذنبه مثلاً أو بعينه فاذبحه وكله ولا يكون حراماً وهو معنى قوله تعالى: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة:3].
          قوله: (أبو نعيم) بضم النون اسمه الفضل بسكون المعجمة، و(زكريا) هو ابن أبي زائدة من الزيادة، و(عامر) هو الشعبي بفتح المعجمة وإسكان المهملة وبالموحدة، و(عدي) بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية وشدة التحتانية ابن حاتم الطائي.
          قوله: (المعراض) بكسر الميم وتسكين المهملة وبالراء والمعجمة، سهم بلا ريش ونصل وغالباً يصيب بعرض عوده دون حده أي: منتهاه الذي له حدة وقيل: هو سهم طويل له أربع قدد رقاق إذا رُمي به اعترض.
          الخطابي: هو نصل عريض له ثقل ورزانة إذا وقع بالصيد من قبل حده فجرحه ذكاه وهو معنى لفظ (فخرق) وإن أصاب بعرضه فهو وقيذ لأن عَرضه لا يسلك إلى داخله وإنما يقتله بثقله والرزانة.
          قوله: (أخذ الكلب) أي: حكمه حكم التزكية فيحل أكله كما يحل أكل المذكاة، والمراد بكلب غيره كلب لم يرسله من هو أهله، وقال (فلا تأكل) لأن أصل الصيد على الحظر فلا يؤكل إلا بيقين وقوع الذكاة على الشرط الذي أباحته الشريعة / .
          قوله: (اسم الله) أجمعوا على التسمية عند الإرسال على الصيد وعند الذبح، فقال أبو حنيفة ومالك هي واجبة فإن تركها عمداً حرم الذبيح، وقال الشافعي: إنها سنة فلو تركها سهواً أو عمداً لم يحرم.
          وهذا الحديث معارض بحديث عائشة أن قوماً قالوا إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا فقال سموا أنتم وكلوا فهو محمول على الاستحباب، وأما آية: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121] فلا تدل على مطلوبهم؛ لأنه مقيد بقوله: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام:121] وهو مفسر بما أهل به لغير الله تعالى ومعناها لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وقد ذكر اسم غير الله تعالى يعني: اللات والعزى مع أنه معارض بقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ} [المائدة:5] وهم لا يسمون الله تعالى عليه.
          الخطابي: ظاهره أنه إذا لم يسم الله تعالى لا يحل وإليه ذهب أهل الرأي إلا أنهم قالوا إن لم يترك عمداً جاز أكله وتأول من لم ير التسمية باللسان شرطاً في الذكاة على معنى ذكر القلب وذلك أن يكون إرساله الكلب على قصد الاصطياد به.
          قوله: (البندقة) بضم الموحدة والمهملة الجمهور على أنه لا يحل صيد البندقة لأنه وقيذ.
          قوله: (عبد الله بن أبي السفر) ضد: الحضر الهمداني، و(لم يمسك عليك) وقال تعالى: {فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة:4].
          قوله: (قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة وبالمهملة، و(همام) بفتح الهاء وشدة الميم ابن الحارث النخعي الكوفي، وفي الحديث أنه يشترط أن يكون معلماً أي: ينزجر بالزجر ويسترسل بالإرسال ولا يأكل منه مراراً وأن يكون مرسلاً؛ لأن الحكم يترتب عليه، و(خزق) بالمعجمة والزاي المفتوحتين أي: جرح ونفد وطعن فيه، و(الأعمش) هو سليمان، و(زيد) هو ابن وهب الجهني بضم الجيم وفتح الهاء وبالنون، و(عبد الله) أي: ابن مسعود، و(حمار) أي: وحشي، و(دعوا) أي قال اتركوا ما سقط منه وكلوا سائره.
          قوله: (عبد الله بن يزيد) من الزيادة المقري (وحيوة) بفتح المهملة وإسكان التحتانية وفتح الواو ابن شريح مصغر الشرح بالمعجمة والراء والمهملة البصري، (أبو زرعة) قال في ((المفصل)): هو من أسماء الأعلام المرتجلة، و(ربيعة) بفتح الراء ابن يزيد بالزاي الدمشقي بكسر المهملة وفتح الميم القصير، و(أبو إدريس) عائذ الله بفاعل العود بالمهملة والواو والمعجمة الخولاني بفتح المعجمة وإسكان الواو وبالنون، و(أبو ثعلبة) بلفظ الحيوان المشهور الخشني بضم المعجمة الأولى وفتح الثانية وبالنون في اسمه واسم أبيه خلاف والأكثر على أنه جرهم بضم الجيم والهاء وسكون الراء ابن ناشر بالنون وكسر المعجمة وهو من المبايعين تحت الشجرة مات سنة خمس وسبعين.
          قوله: (فلا تأكلوا فيها) فإن قلت: قال الفقهاء: يجوز استعمال أوانيهم بعد الغسل بلا كراهة سواء وجد غيرها أم لا وهذا يقتضي كراهة استعمالها إن وجد غيرها قلت: المراد النهي عن الآنية التي كانوا يطبخون فيها لحوم الخنازير ويشربون فيها الخمور وإنما نهى عنها بعد الغسل للاستقذار وكونها معتادة للنجاسة ومراد الفقهاء أواني الكفار التي ليست مستعملة في النجاسات غالباً وذكره (د) في ((سننه)) صريحاً.
          الزركشي:
          (إذا أصاب المعراض تعرضه) بفتح العين أي: بعين المحدد منه.
          (فخزق) بالزاي خزق وقد يقال سهم خازق وخاسق وقيل: الخزق بالزاي أن يحدثه ولا يثبت فيه وبالراء أن ينفيه فقط.