مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ذبيحة الأعراب ونحوهم

          ░21▒ باب ذبيحة الأعراب:
          فيه حديث أسامة بن حفص المدني عن هشام، عن أبيه، عن عائشة ♦ أن قوماً الحديث (تابعه علي) عن الدراوردي / ، وتابعه أبو خالد والطفاوي هذا الحديث من أفراد (خ) وقد ذكره (خ) في التوحيد وقوله تابعه علي يعني تابع أسامة بن حفص عن هشام عبد العزيز بن محمد الدراوردي وأبو سليمان خالد بن حيان الأحمر ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي البصري، فرووه عن هشام. وطفاوة بنت جرم بن ريان بن تغلب بن حلوان بن عمران بن إلحاف بن قضاعة، كانت عند حبال بن منبه، ومنبه هو أعصر بن سعد بن قيس غيلان، وأخوه: عقبى واسمه عمرو بن أعصر، وعمهما: غطفان بن سعد، فنسب ولد حبال إلى أمهم.
          والراوي عن أسامة: شيح (خ) أبو ثابت محمد بن عبيد الله بن محمد بن زيد بن أبي زيد المدني. وروى النسائي(1) عن رجل عنه، وهاتان المتابعتان ذكرها (خ) في التوحيد بزيادة، فقال: عقب حديث أخرجه عن يوسف بن موسى، تابعه محمد بن عبد الرحمن والدراوردي وأسامة بن حفص، يريد هذا الحديث المسند هنا.
          والتعليق عن الدراوردي أخرجه الإسماعيلي عن ابن كاسب عنه، وأبو داود عن يوسف بن موسى عنه، وطريق الطفاوي ساقها في البيوع عن أحمد بن المقدام العجلي عنه وسماه هناك محمد بن عبد الرحمن.
          وقوله: (تابعه أبو خالد)، يريد ما ذكره في التوحيد متصلاً عن يوسف بن موسى عنه.
          وقال ابن عبد البر: فيه من الفقه أن ما ذبحه المسلم ولم يعرف هل سمى الله عليه أم لا؟ أنه لا بأس بأكله وهو محمول على أنه قد سمى، والمؤمن لا يظن به إلا الخير وذبيحته وصيده محمول أبداً على السلامة حتى يصح فيه غير ذلك من تعمد ترك التسمية ونحوه.
          وقد قيل في معنى هذا الحديث أنه ◙ إنما أمرهم بأكلها في أول الإسلام قبل أن ينزل عليه: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121] وهو قول ضعيف لا دليل على صحته، ولا يعرف وجه ما قال قائله، وفي الحديث نفسه ما يرده؛ لأنه أمرهم فيه بالتسمية على أكله فدل على أن الآية قد كانت نزلت عليه ولا يدل على بطلان هذا القول أن هذا الحديث كان بالمدينة، وأن أهل باديتها هم المشار إليهم ولا يختلف العلماء أن هذه الآية نزلت في سورة الأنعام بمكة.
          وقام الإجماع على أن التسمية على الأكل للتبرك لا مدخل فيها للذكاة بوجه من الوجوه، وقد استدل جماعة من أهل العلم على أن التسمية على الذبيحة ليست بواجبة بهذا الحديث.
          وقالوا: لو كانت التسمية واجبة على الذبيحة لما أمرهم ◙ بأكل ذبيحة الأعراب أهل البادية، إذ يمكن أن يسموا ويمكن ألا يجهلهم، ولو كان الأصل ألا يؤكل إلا من ذبائح المسلمين، أو ما صحت التسمية عليه لم يجز استباحة شيء من ذلك إلا بيقين من التسمية؛ إذ الفرائض لا تؤدى إلا بيقين.
          وأغرب ابن حزم فقال: تسمية الله فرض على كل آكل عند ابتداء أكله لحديث عمر بن أبي سلمة الذي فيه: ((سم الله وكل مما يليك))(2).


[1] في المخطوط: ((البناني)) ولعل الصواب ما أثبتناه.
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: ويلزم إن حرم يقول بوجوب الأكل مما يليه ولم يقل به أحد لأن سم وكل أمران في كلام واحد في مسلك واحد)).