الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما ذكر عن بني إسرائيل

          ░50▒ (بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) سقطَتِ البسملةُ لأبي ذَرٍّ (بَابُ مَا ذُكِرَ) بإضافةِ: ((بابُ)) إلى: ((ما)) الموصولةِ أو النكِرةِ الموصوفةِ، وجملةُ: ((ذُكرَ)) من الفعلِ ونائبِه المستتِرِ فيهِ الراجِعِ إلى: ((ما)) صلتُها أو صفتُها (عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ) متعلقٌ بـ((ذُكرَ))، و((إسرائيلَ)) ممنوعٌ من الصرفِ للعلَميةِ والعُجمةِ، وبنو إسرائيلَ ذريتُه، وهو لقبُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ عليهم السلام.
          قال العينيُّ: وسببُ تسميةِ يعقوبَ بإسرائيلَ أنَّ إسحاقَ والدَ يعقوبَ كان قد تزوَّجَ رَفْقاءَ بنتَ بثويلَ بنِ ناحورَ بنِ آزرَ بنِ إبراهيمَ عليه السلامُ، فولَدَتْ لإسحاقَ عِيصُو ويعقوبَ بعدما مضى من عمرِه ستون سنةً، قال: ولها قصةٌ عجيبةٌ؛ وهي أنَّهُ لمَّا قرُبَ ولادتُها اقتَتلا في بطنِ أمِّهما، فأراد يعقوبُ أن يخرُجَ قبل عِيصُو، فقال عِيصُو: واللهِ لئن خرجْتَ قبلي لَأعترِضَنَّ في بطنِ أمي فأقتلُها، فتأخَّرَ يعقوبُ وخرجَ عِيصُو قبلَه، فسُمِّيَ عِيصُو لأنَّه عصى، وسُميَ يعقوبُ به لأنَّهُ خرجَ عقِبَ عِيصُو، قال: وكان يعقوبُ أكبرَهما في البطنِ، فلما كبُرا كان عِيصُو أحبَّ إلى أبيهِ من يعقوبَ، وكان يعقوبُ أحبَّ إلى أمِّه، ووقعَ بينهما، فخافَتْ أمُّ يعقوبَ عليه من عِيصُو، فقالت ليعقوبَ: يا بني؛ الحَقْ بخالِكَ فكنْ عنده؛ خوفاً عليه من عيصُو، فانطلقَ يعقوبُ إلى خالِه، فكان يَسرِي بالليلِ ويكمُنُ بالنهارِ، فلذلك سُمِّيَ بإسرائيلَ، وهو أولُ مَن سَرى بالليلِ، فأتى خالَه لابانَ ببابلَ، وقيل: بحَرَّانَ، انتهى، فتأمله.
          والمرادُ: بيانُ ما ذُكِرَ عن بني إسرائيلَ من العجائبِ والغرائبِ التي كانت تقعُ لهم في زمانِهم، وقد ذكرَ البخاريُّ في هذا البابِ أربعةً وثلاثين حديثاً، والأولُ منها يشتملُ على ثلاثةِ أحاديثَ، نبَّهَ عليه في ((الفتح)).