الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: {وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرةً}

          ░30▒ (بَابُ {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة:67] الآيَةَ): أي: اقرأِ الآيةَ، والمرادُ: جنسُها المتعلِّقُ بالبقرةِ، لا خصُوصُ هذه الآيةِ، والمرادُ: بيانُ قصَّةِ البقرةِ.
          قال البيضاويُّ: أوَّلُ هذه القصَّةِ قولُه تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} [البقرة:72] وإنما فُكَّتْ عنه وقُدِّمَتْ عليه لاستقلالِه بنوعٍ آخرَ من مسَاوئهم؛ وهو الاستهزاءُ بالأمرِ، والاستقصَاءُ في السؤالِ، وتركُ المسَارعةِ إلى الامتثالِ، انتهى.
          وإلَّا فحقُّها _كما قال في ((الكشافِ))_ أن يقومَ ذكرُ القتيلِ والضربِ ببعضِ البقَرةِ على الأمرِ بذبحِها، فيُقالَ: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} [البقرة:72] فقلنا: اذبحُوا بقرةً واضربُوه ببعضِها، وأجاب: مطوَّلاً بما حاصِلُه ما ذكَرْناه عن البيضاويِّ.
          ثمَّ قالا: وقصةُ البقَرةِ أنَّه كان فيهم شيخٌ موسِرٌ، فقتَلَ ابنَه بنو أخيه طمَعاً في ميراثِه، وطرحُوه على بابِ المدينةِ، ثمَّ جاؤوا يطالِبُون بدمِه، فأمرَهم اللهُ أن يذبحُوا بقرةً ويضرِبُوه ببعضِها؛ ليَحيا فيُخبرَهم بقاتلِه.
          وقال العينيُّ في ((تاريخِه)) بعد أن نقلَ ما هنا في سببِ القتلِ: وقال بعضُهم: كانت عاميلُ _بنتُ عمٍّ له_ لم يكُنْ لها مِثلٌ في بني إسرائيلَ بالحُسنِ والجمالِ، فقتلَه ابنُ عمِّه لينكِحَها، فلمَّا قتلَه حملَه من قريتِه إلى قريةٍ أخرى، فألقاه هناك، وقيل: كان رجلٌ من بني إسرائيلَ، وكانت له ابنةٌ وابنُ أخٍ لا مالَ له، فخطبَها من أبيها، فغضبَ أبوها، ولم يزوِّجْه إيَّاها، فقال: واللهِ لأقتُلَنَّ عمي، ولآخُذَنَّ ماله، ولآكُلَنَّ ديَتَه، ولأنكِحَنَّ ابنتَه، ثمَّ احتال على قتلِه فقتلَه، وصار يطلُبُ بثأرِه، وطلبَ ديتَه، ثمَّ صار ما قصَّه اللهُ تعالى، انتهى ملخَّصاً.
          وقال في ((الفتح)): قصَّةُ البقرةِ أوردَها آدمُ بنُ أبي إياسٍ في ((تفسيره)) بسندِه إلى أبي العاليةِ، وابنُ أبي حاتمٍ بسندِه إلى عبيدةَ السَّلمانيِّ أحدِ كبارِ التابعين، دخلَ حديثُ أحدِهما في الآخرِ، قالا: كان رجلٌ من بني إسرائيلَ عقيماً لا يولَدُ له، وكان له مالٌ كثيرٌ، وكان ابنُ أخيه وارثَه، فقتلَه ليرِثَه، ثمَّ احتمَلَه ليلاً، فوضعَه على بابِ رجلٍ منهم، ثمَّ أصبحَ يدَّعيه على جماعةٍ، فتسلَّحُوا وركبَ بعضُهم على بعضٍ، فقال ذو الرَّأيِ منهم: علامَ يقتلُ بعضُكم بعضاً وهذا رسولُ الله فيكم؟ فأتَوا موسى عليه السلام، فذكرُوا ذلك له، فنادى موسى في النَّاسِ: مَن كان عنده علمٌ من هذا فليُبيِّنْه، فلم يكُنْ / عندهم علمٌ.
          وفي روايةٍ: فقال القاتلُ: أنتَ نبيُّ الله، سَلْ لنا ربَّك أن يبيِّنَ لنا، فسألَ موسى ربَّه ذلك، فأوحى اللهُ إليه: قل لهم فليذبَحُوا بقرةً، فقال لهم: إنَّ الله يأمركم أن تذبحوا بقرةً، فعجِبُوا وقالوا: كيف نطلبُ منه معرفةَ مَن قتَلَ هذا القتيلَ، فيأمرُنا بذبحِ بقرةٍ؟ فكان ما قصَّه اللهُ تعالى بقولِه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة:67] الآياتِ، فأمرَهم بذبحِ بقرةٍ، فلو ذبحُوا أيَّ بقرةٍ أجزأَتهم، لكن شدَّدُوا فشدَّدَ اللهُ عليهم، حتى انتهى بيانُها إلى البقرةِ التي هي بين البِكرِ والفارضِ، وهي البقرةُ التي هي لا ذلولٌ تُثيرُ الأرضَ ولا تَسقِي الحرثَ، مسلَّمةٌ لا شِيَةَ فيها، فوجدُوها عند رجلٍ ليس له بقرةٌ غيرَها، فقال: واللهِ لا أُنقِصُها من ملءِ جلدِها ذهباً، فأخذُوها وضربُوا القتيلَ ببعضِها، فقامَ، فقالوا: مَن قتلَك؟ قال: هذا _لابنِ أخيه_، ثمَّ مال ميتاً، فلم يُعطَ من مالِهِ شيئاً، فلم يورَّثْ قاتلٌ بعدُ، واسمُ القتيلِ: عاميلُ، وقد أشارَ المصنِّفُ إلى تفسيرِ ذلك بقولِهِ:
          (قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ) بالعين المهملة، هو: رُفيعُ بنُ مهرانَ الرِّياحيُّ مما وصلَه آدمُ بنُ أبي إياسٍ في ((تفسيره)) (عَوَانُ) وفي ((اليونينيَّةِ)): <العوَانُ> بالتعريف، وفي فرعِها: بالتنكير، وفقَ ما في الآيةِ (النَّصَفُ) بالتحريك، خبرُ: ((عَوانُ)) لأنَّ المرادَ به الوسَطُ، فهو معرِفةٌ، لكنَّه على حذفِ مضافٍ؛ نحو: معنى: عَوانُ: النَّصَفُ، وهو _بفتحِ النون والصَّاد المهملةِ وبالفاء_.
          وقوله: (بَيْنَ الْبِكْرِ وَالْهَرِمَةِ) تفسيرُ لـ((النَّصَفُ)) وهو معنى قولِ ابنِ عباسٍ: النصَفُ: بين الكبيرةِ والصَّغيرةِ، وهي أقوى ما يكونُ من الدَّوابِّ.
          تنبيه: ((العَوانُ)) بفتحِ العين المهملةِ والواو وبالنون، يُجمعُ على: عُونٌ _بضم العين_، كقولِه في وصفِ نسوةٍ:
نواعمُ بين أبكَارٍ وعُونٍ
          ({فَاقِعٌ} [البقرة:69] صَافٍ) قال البيضاويُّ: الفُقوعُ: نصوعُ الصُّفرةِ، ولذلك يؤكَّدُ به، فيقالُ: أصفرُ فاقعٌ، كما يقالُ: أسودُ حالكٌ.
          وعن الحسنِ: سوداءُ شديدةُ السَّوادِ، وبه فسَّر قولَه تعالى: {جِمَالَةٌ صُفْرٌ} [المرسلات:33] قال الأعشى:
تلكَ خيلِي منهُ وتلكَ رِكَابِي                     هنَّ صِفرٌ أَوْلادُها كالزَّبيبِ
          قال: ولعله عبَّرَ بالصُّفرةِ عن السَّوادِ لأنَّها من مقدِّماتِه، أو لأنَّ سَوادَ الإبلِ تعلُوه صُفرةٌ، قال: وفيه نظرٌ؛ لأنَّ الصُّفرةَ بهذا المعنى لا تذكَرُ بالفُقوعِ، انتهى.
          وقال العينيُّ: وهذا غريبٌ، وقال الكرمانيُّ: ولعله مستعارٌ من صفةِ الإبلِ؛ لأنَّ سوادَها يعلوه صُفرةٌ، وعن ابنِ عمرَ قال: كانت صفراءَ الظِّلفِ، وقال سعيدُ بنُ جُبيرٍ: كانت صفراءَ القَرنِ والظِّلفِ.
          ({لاَ ذَلُولٌ} لَمْ يُذِلَّهَا الْعَمَلُ) ((يُذِلَّها)) بضم أوله ولام واحدة مشددة بعد الذال المعجمة المكسورة، ولأبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ: <لم يَذلِّلْها> بفتح الذال المعجمة وكسر اللام الأولى مشددة ({تُثِيرُ الأَرْضَ} [البقرة:71]) بكسر المثلثة؛ أي: تقلِبُ الأرضَ للزراعةِ.
          وقوله: (لَيْسَتْ بِذَلُولٍ تُثِيرُ الأَرْضَ) سقطَ من بعضِ الأصُولِ (وَلاَ تَعْمَلُ فِي الْحَرْثِ) هذا تفسيرٌ لقولِه: {وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ} [البقرة:71] أي: بل هي مكرَّمةٌ حسناءُ صَحِيحةٌ، وقال البيضاويُّ: أي: لم تُذلَّلْ للكِرابِ وسقيِ الحروثِ، و{لَا ذَلُولٌ} صفةٌ لــ{بقَرةً} بمعنى: غيرَ ذلولٍ، و((لا)) الثانيةُ مزيدةٌ لتأكيدِ الأولى، والفعلانِ صفتانِ لـ{ذَلُولٌ} كأنَّه قيل: لا ذلولٌ مثيرةٌ وساقيةٌ، قال: وقرئَ: ▬لا ذلولَ↨ بالفتح، حيثُ هي كقولِك: مررتُ برجلٍ لا بخيلٍ ولا جبانٍ، وقرئَ: ▬وتُسقي↨ من: أسقى.
          ({مُسَلَّمَةٌ} مِنَ الْعُيُوبِ) / أي: وآثارِ العمَلِ، وقال عطاءٌ الخُراسانيُّ: مسلَّمةُ القوائمِ والخلقِ، يجمعُ الجميعَ وزيادةً، وقال البيضاويُّ: {مُسَلَّمَةٌ} سلَّمَها اللهُ تعالى من العيوبِ، أو أهلُها من العملِ، أو أُخلصَ لونُها، من: سُلِّمَ له كذا؛ إذا أُخلِصَ له.
          ({لاَ شِيَةَ} [البقرة:71] بَيَاضٌ) بالرفعِ وسقوطِ: لا، قبل: ((بياضٌ)) في الفرع كأصلِه، وفي بعضِ النُّسخِ: <{لَا شِيَةَ} لا بياضَ> بإثباتِ: <لا> فيهما ونصبِ ما بعدهما، زاد السُّديُّ: ((ولا سَوادَ ولا حُمرةَ)) والمرادُ: لا لونَ فيها غيرُ لونِها ({صَفْرَاءُ} [البقرة:69]) بالمدِّ (إِنْ شِئْتَ) بفتحِ التاء (سَوْدَاءُ) بالمدِّ (وَيُقَالُ: صَفْرَاءُ) هذا تفسيرُ أبي عبيدةَ، ومرادُه أنَّ: {صَفْرَاءُ} مخيَّرٌ في تفسيرِها بين سَوداءَ وبينَ أن تبقَى على ظاهرِ معناهَا المشهورِ.
          (كَقَوْلِهِ) تعالى: (▬جِمَالاَتٌ صُفْرٌ↨ [المرسلات:33]) في المرسَلات، فإنَّك إن شئتَ فسَّرتَ: {صُفْرٌ} بسُودٍ، وإن شئتَ أبقَيتها علَى ظاهرِها، وتقدَّمَ ما قيلَ على ذلك قريباً، وقولُه: {جِمَالَاتٌ} جمعُ الجمعِ؛ لأنهنَّ جمعُ: جمَالةٍ، والجَمَالةُ: جمعُ: جملٍ.
          ({فَادَّارَأْتُمْ} اخْتَلَفْتُمْ) أراد تفسيرَ {ادَّارَأْتُمْ} بـ((اختلفتُم)) من قولِه تعالى بعد: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} [البقرة:72] وهذا قولُ أبي عبيدةَ كسابقِهِ، من: التَّدارِ؛ وهو: التدافعُ.
          وقال البيضَاويُّ: أي: اختلفتُم في شأنِها؛ إذ المتخاصِمانِ يدفعُ بعضُهم بعضاً، أو تدافعتُم بأن طرحَ كلٌّ قتْلَها عن نفسِه إلى صاحبِه، وأصلُه: تدارَأتُم، فأُدغمَتِ التَّاءُ في الدَّالِ، واجتُلبَت همزةُ الوصلِ.
          وروى ابنُ أبي حاتمٍ عن ابنِ عباسٍ أنَّ أصحابَ بقَرةِ بني إسرائيلَ طلبُوها أربعين سنةً، حتى وجدُوها عند رجلٍ في بقَرٍ له، وكانت تُعجبُه، قال: فجعلُوا يُعطونَه بها فيأبى، حتى أعطَوهُ مِلءَ مسكِها دنانيرَ.
          وعن عكرمةَ: ما كان ثمنُها إلا ثلاثةَ دنانيرَ، وعن السُّديِّ: اشتَرَوها بوزنِها عشْرَ مراتٍ ذهَباً، فذبحُوها، فضرَبُوه _يعني: القتيلَ_ بعُضوٍ منها، فقامَ تشخَبُ أوداجُه دماً، فقالوا له: مَن قتلَك؟ قال: فلانٌ، ولم يجِئْ من طريقٍ صحيحٍ عن معصومٍ _كما قال ابنُ كثيرٍ_ بيانُ العضوِ الذي ضربُوه به.
          قال ابنُ كثيرٍ: والظاهرُ أنَّه نقلَه عن أهلِ الكتابِ، وكذا لم يثبُتْ كثرةُ ثمنِها إلا من نقلِ بني إسرائيلَ، وفي البغويِّ: قال ابنُ عباسٍ وأكثرُ المفسِّرين: ضرَبُوه بالعظمِ الذي يلي الغُضروفَ، وهو أصلُ الذنَبِ.
          وقال مجاهدٌ وسعيدُ بنُ جبيرٍ: بعَجْبِ الذَّنَبِ؛ لأنَّه أولُ ما يُخلقُ، وآخرُ ما يَبلى، ويركَّبُ الخلقُ عليه.
          وقال الضحَّاكُ: بلسانِها؛ لأنَّه آلةُ الكلامِ، وقال عكرمةُ والكلبيُّ: بفخِذِها الأيمنِ، وقيل: بعُضوٍ منها غيرِ معيَّنٍ، ففعلُوا ذلك، فقامَ القتيلُ حيًّا بإذنِ اللهِ تعالى، وأوداجُه تشخَبُ دما،ً وقال: قتلَني فلانٌ، ثم سقطَ وماتَ مكانَه، فحُرِمَ قاتلُه الميراثَ، وفي الخبرِ: ((ما ورِثَ قاتلٌ بعد صاحبِ البقرةِ)) وقيل: ضرَبُوا القتيلَ بالبَضعةِ التي بين الكتِفَين.
          وقال العينيُّ: ورواه بسندِه من وجهٍ آخرَ عن محمَّدِ بنِ كعبٍ القُرظيِّ ومحمَّدِ بنِ قيسٍ أنَّ سِبطاً من بني إسرائيلَ لمَّا رأوا كثرةَ شرورِ النَّاسِ بنَوا مدينةً، فاعتزلُوا شرارَ الناسِ، فكانوا إذا أمسَوا لم ترَ أحداً منهم خارجَ المدينةِ إلا أدخلُوه، وإذا أصبحُوا قامَ رئيسُهم فنظرَ وتشوَّفَ، فإذا لم يرَ شيئاً فتحَ بابَ المدينةِ، فكانوا مع النَّاسِ حتى يُمسُوا، قال: وكان رجلٌ من بني إسرائيلَ له مالٌ كثيرٌ، ولم يكُنْ له وارثٌ غيرُ ابنِ أخيه، / فطالت عليه مدَّتُه، فقتلَه ليرِثَه، ثمَّ حمَلَه ووضعَه على بابِ المدينةِ، ثمَّ كمَنَ هو وأصحابُه، قال: فتشوَّفَ رئيسُ المدينةِ على بابِها، فنظرَ فلم يرَ شيئاً، ففتحَ البابَ، فلمَّا رأى القتيلَ ردَّ البابَ، فناداه أخو المقتولِ وأصحابُه: هيهاتَ، قتلتمُوه ثمَّ تردُّون البابَ، وكاد أن يكونَ بين أخي المقتولِ وبين أهلِ المدينةِ قتالٌ حتى لبسوا السِّلاحَ، ثمَّ كفَّ بعضُهم عن بعضٍ، فأتَوا موسى، فشكَوا له شأنَهم، فأوحى اللهُ أن يأمرَهم بذبحِ البقرةِ.
          وفي ((الفتح)): ولو أنَّ القومَ حين أُمرُوا بذبحِ بقرةٍ استَعرَضوا أيَّ بقرةٍ كانت لأجزأَتْ عنهم، ولكنَّهم شدَّدوا، فشدَّدَ اللهُ عليهم، ولولا أنَّهم استَثنَوا فقالوا: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} [البقرة:70] لَما اهتدَوا إليها أبداً، فبلغَنا أنَّهم لم يجِدُوها إلا عند عجوزِ، فأغلَتْ عليهم في الثَّمنِ، فقال لهم موسى: أنتم شدَّدتُم على أنفُسِكم، فأعطُوها ما سألَتْ، فذبحُوها، فأخذوا عَظماً منها، فضرَبُوا به القتيلَ، فعاشَ فسمَّى لهم قاتلَه، ثمَّ مات مكانَه، فأُخذَ قاتلُه؛ وهو: قريبُه الذي كان يريدُ أن يرِثَه، فقتلَه اللهُ على أسوأِ عملِه.
          وأخرجَ ابنُ جريرٍ هذه القصَّةَ مطوَّلةً عن ابنِ عباسٍ، ومن طريقِ السُّديِّ كذلك، وأخرجَها هو وابنُ أبي حاتمٍ وعبدُ بنُ حُميدٍ بإسنادٍ صحيحٍ عن محمَّدِ بنِ سيرينَ، عن عبيدةَ بنِ عمروٍ السَّلْمانيِّ أحدِ كبارِ التَّابعينِ.