نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: فقف مكانك لا تتركن أحدًا يلحق بنا

          3911- (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدٌ) هو ابنُ سلام. وقال أبو نُعيم في «المستخرج»: أظنُّ أنَّه محمد بن المثنى أبو موسى، قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ) هو: ابنُ عبد الوارث بن سعيد البصري، قال: (حَدَّثَنِي أَبِي) قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ) قال: (أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ☺، قَالَ: أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلعم إِلَى الْمَدِينَةِ وَهْوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ) الواو للحال. قال الدَّاودي: يحتمل أنَّه مرتدف خلفه على الرَّاحلة التي هو عليها، ويحتملُ أن يكون على راحلة أُخْرى وراءه، قال تعالى: {بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال:9] ؛ أي: يتلو بعضهم بعضاً. ورجَّح ابنُ التِّين الأول، وقال: لا يصحُّ الثاني؛ لأنَّه يلزم منه أن يمشيَ أبو بكر ☺ بين يدي النبي صلعم .
          وأجاب عنه الحافظُ العسقلاني: بأنَّه إنما يلزم ذلك لو كان الخبر جاء بالعكس، كأن يقول: والنَّبي صلعم مرتدفٌ خلف أبي بكر ☺، / فأمَّا لفظه: وهو مردفٌ أبا بكر، فلا.
          وسيأتي في الباب الذي بعده من وجه آخر عن أنس ☺: وكأني أنظر إلى النبي صلعم على راحلته وأبو بكر ردفه. انتهى [خ¦3932].
          وتعقَّبه العيني: بأنَّ في كلِّ من كلام المعترض والمجيب نظراً، أمَّا كلام المعترض فلا نسلِّم فيه الملازمة التي ذكرها، ولئن سلمنا فماذا يترتب إذا مشى أبو بكر ☺ بين يدي رسول الله صلعم ، بل هو المطلوب عند الملوك وأكابر الناس، ولا ثمَّة ملك ولا كبير أشرف من النبي صلعم ، ولا أجلَّ قدراً.
          وأمَّا كلام المجيب: فإنَّه يسقط بسقوط الاعتراض.
          هذا وقد وقع للنَّبي صلعم وأبي بكر ☺ في سفرهم ذلك قضايا منها نزولهم بخيمة أمِّ معبد، وقصتها أخرجها ابن خزيمة والحاكم، ومرَّا بعبدٍ يرعى غنماً. وقد تقدَّم في حديث البراء عن أبي بكر ☻ [خ¦3652]. وروى أبو سعد في «شرف المصطفى» من طريق إياس بن مالك بن الأوس الأسلمي قال: لما هاجر رسول الله صلعم وأبو بكر ☺ مرُّوا لنا بإبل بالجحفة، قال: لمن هذه؟ قال: لرجل من أسلم، فالتفتَ إلى أبي بكر ☺ فقال: سَلِمْتَ، قال: ما اسمك؟ قال: مسعود، فالتفت إلى أبي بكر ☺ فقال: سعدت.
          ووصله ابن السَّكن والطَّبراني عن إياس عن أبيه عن جدِّه يونس عن عبد الله بن محمد، فذكر نحوه مطولاً، وفيه: أنَّ أوساً أعطاهما كلَّ إبله، وأرسل معه غلامه مسعوداً، وأمره أن لا يفارقهما حتى وصلا المدينة.
          (وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ) أما كونه شيخاً، فلأنَّه شابَ وكان شعره أكثر بياضاً من رسول الله صلعم ، وأمَّا كونه يُعرَف فلأنه كان يمرُّ على أهل المدينة في سفر التِّجارة، بخلاف النبي صلعم في الأمرين، فإنه كان بعيد العهد بالشام من مكة ولم يَشِبْ، وإلَّا ففي نفس الأمر كان هو صلعم أسنَّ من أبي بكر ☺ على الصَّحيح.
          وسيأتي في هذا الباب من حديث أنس ☺: أنه لم يكن / في الذين هاجروا أشمط غير أبي بكر ☺ [خ¦3919].
          (وَالنَّبِيُّ صلعم شَابٌّ لاَ يُعْرَفُ) لما سبق آنفاً (قَالَ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ) بيَّن سبب ذلك ابن سعد في رواية له: أنَّ النَّبي صلعم قال لأبي بكر ☺: «أَلْهِ الناسَ عني» فكان إذا سُئِل من أنت؟ قال: باغي حاجة، فإذا قيل: من هذا معك؟ قال: هادٍ يهديني، يريد الهداية في الدين، ويحسبه الآخر دليلاً.
          وفي حديث أسماء بنت أبي بكر ☻ عند الطَّبراني: وكان أبو بكر رجلاً معروفاً في الناس، فإذا لقيه لاقٍ يقول لأبي بكر ☺: من هذا معك؟ فيقول: هادٍ يهديني.
          (قَالَ: فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ) أي: يظن (أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي: الطَّرِيْقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ. فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ ☺ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا) وهو: سراقة بن مالك بن جُعشم. وقد تقدَّم شرح قصَّته في الحديث الحادي عشر [خ¦3906]، وتحديث أنس ☺ بقصة سراقة من مراسيل الصَّحابة، ولعلَّه حملها عن أبي بكر ☺، فقد تقدَّم في مناقبه أنَّ أنساً ☺ حدث عنه بطرف من حديث المغازي [خ¦3653].
          (فَالْتَفَتَ نَبِيُّ اللَّهِ صلعم فَقَالَ: اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ، ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ) من الحمحمة _بالمهملتين_، وهي صوت الفرس.
          وقال ابنُ التين: فيه نظر؛ لأنَّ الفرس إن كانت أنثى فلا يجوز «فصرعَهُ»، وإن كان ذكر فلا يُقال: «ثم قامت».
          هذا وقال الحافظ العسقلاني: وإنكاره من العجائب. والجواب: أنه ذكَّر باعتبار لفظ الفرس، وأنِّث باعتبار ما في نفس الأمر من أنَّها كانت أنثى. انتهى.
          وتعقَّبه العيني: بأنَّ الجوهري قال: الفرس يقعُ على الذكر والأنثى، ولم يقل أحد من أهل اللغة: أنه يذكَّر باعتبار لفظه، ويؤنث باعتبار أنها كانت أنثى، فهذا الذي ذكره يمشي في غير الفرس أيضاً، ولكن لم يقل به أحد، ولا له وجه، هذا فليتأمل.
          (فَقَالَ: يَا رَسولَ اللَّهِ، مُرْنِي بِما شِئْتَ، قَالَ: فَقِفْ / مَكَانَكَ، لاَ تَتْرُكَنَّ أَحَداً يَلْحَقُ بِنَا) هو كقولهم: لا تدنُ من الأسد يهلكك.
          قال الكرماني: وهو ظاهر على مذهب الكسائي، ولم يبيِّن ذلك، وذلك أن هذا المثال غير صحيح عند غير الكسائي؛ لأن فيه فساد المعنى؛ لأن انتفاء الدنو ليس سبباً للهلاك، والكسائي يجوِّزه؛ لأنه يقدِّر الشرط إيجابياً في قوَّة: إن دنوت من الأسد يهلكك كما عُرِف في موضعه.
          (قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِداً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلعم ، وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ) يدفع عنه الأذى. وقال الكرمانيُّ: المَسلحة _بفتح الميم_: صاحب السِّلاح. وقال الجوهريُّ: المَسلحة: قوم ذووا سلاح، والمسلحة كالثَّغر والمرقب.
          وقال ابنُ الأثير: المسلحة: القوم الذين يحفظون الثُّغور من العدوِّ وسُمُّوا مَسْلحة؛ لأنَّهم يكونون ذوي سلاح، أو لأنَّهم يسكنون المَسْلحة، وهي كالثَّغر، والمرقَب: يكون فيه أقوام يرقبون العدوَّ؛ لئلا يطرقهم على غفلة، فإذا رأوه أعلموا أصحابهم؛ ليتأهبوا له، والجمع: مَسالح.
          (فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم جَانِبَ الْحَرَّةِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَاؤُوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلعم فَسَلَّمُوا عَلَيْهِمَا) أي: على النَّبي صلعم وأبي بكر ☺ (وَقَالُوا: ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ) تثنية آمن، وتثنية مُطاع منصوبان على الحالية، والثاني يجوز أن تكون مُتَداخلة، أو مترادفة (فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صلعم وَأَبُو بَكْرٍ ☺) طوى في هذا الحديث قصة إقامته صلعم بقباء.
          وتقدَّم بيانه في الحديث الثالث عشر [خ¦3906]، وتقدير الكلام: فنزلَ جانب الحرَّة فأقام بقباء المدَّة التي أقامها، أو بنى فيها المسجد، ثم بعث...إلى آخره.
          (وَحَفُّوا دُونَهُمَا) أي: أحدقوهما (بِالسِّلاَحِ) قال تعالى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر:75] أي: محدِقين.
          (فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ) أي: رسول الله صلعم (يَسِيرُ) أي: حال كونه يسير (حَتَّى نَزَلَ جَانِبَ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ ☺) وقد تقدَّم بيانه مستوفى / في الحديث الثالث عشر [خ¦3906].
          (فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ) الضَّمير للنَّبي صلعم (إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ) بتخفيف اللام الإسرائيلي، وكلمة «إذ» للمفاجأة، وهو: عبدُ الله بن سلام بن الحارث، يكنى: أبا يوسف، ويقال: كان اسمه الحُصَين فسُمِّي: عبد الله في الإسلام، وهو من حُلفاء بني عوف بن الخزرج.
          (وَهْوَ فِي نَخْلٍ لأَهْلِهِ) الواو فيه للحال (يَخْتَرِفُ لَهُمْ) بالخاء المعجمة وبالفاء؛ أي: يجتني من التَّمر (فَعَجِلَ أَنْ يَضَعَ الَّذِي يَخْتَرِفُ لَهُمْ) أي: لأهله (فِيْهَا) أي: في النَّخل (فَجَاءَ وَهِيَ مَعَهُ): أي: والحال أن التمرة التي اجتناها معه، ويروى: <وهو معه> أي: الذي اجتناه (فَسَمِعَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صلعم ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ).
          ووقع عند أحمد والترمذي، وصحَّحه هو والحاكم من طريق زرارة بن أبي أوفى عن عبد الله بن سلام قال: «لما قدم رسول الله صلعم المدينة انجفلَ الناسُ إليه، فجئته في الناس لأنظر إليه، فلما استبنت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب...». الحديث.
          (فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلعم : أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ) تقدَّم بيان ذلك في أواخر الحديث الثالث عشر [خ¦3906]، وإنما قال صلعم : «أهلنا» لقرابة ما بينهم من النساء؛ لأنَّ منهم والدة عبد المطلب جدَّه، وهي سلمى بنت عَمرو من بني مالك بن النَّجار [خ¦40].
          ولهذا جاء في حديث البراء ☺: أنه صلعم نزل على أخواله، أو أجداده من بني النَّجار.
          (فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذِهِ دَارِي وَهَذَا بَابِي، قَالَ: فَانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لَنَا مَقِيلاً) أي: مكاناً يقع فيه القيلولة، والمقيل أيضاً: النوم نصف النهار. وقال الأزهريُّ: القيلولة والمَقِيل: الاستراحةُ نصفَ النَّهار كان معها نوم أو لا بدليل قوله تعالى: {وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} [الفرقان:24]، والجنَّة لا نوم فيها، يقال: قِلت أقيل قائلة وقيلولة ومَقيلاً.
          وقال الدَّاودي: فهيئ لنا مَقيلاً؛ يعني: دار أبي أيوب ☺.
          (قَالَ: قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ) فيه حذف تقديره: فذهبَ فهيَّأ، وقد وقع صريحاً في رواية الحاكم وأبي سعيد قال: فانطلق فهيَّأ لهما مَقيلاً، ثم جاء... وفي حديث أبي أيُّوب ☺ / عند الحاكم وغيره: أنَّه أنزل النَّبي صلعم في السفل، ونزل هو وأهله في العلو، ثم أشفقَ من ذلك، فلم يزل على النبي صلعم حتى تحوَّل إلى العلو، ونزل أبو أيوب إلى السُّفْلِ.
          ونحوه في طريق عبد العزيز بن صُهيب عن أنس ☺ عند أبي سعد في «شرف المصطفى».
          وأفاد ابنُ سعد: أنه أقام في منزل أبي أيُّوب تسعة (1) أشهر حتى بنى بيوته. وأبو أيُّوب هو: خالد بن زيد بن كليب من بني النَّجار، وبنو النجار من الخزرج بن حارثة.
          ويقال: إنَّ تُبَّعاً لما غزا الحجاز، واجتاز بيثرب خرج إليه أربعمائة حبر، فأخبروه بما يجب من تعظيم البيت، وأنَّ نبياً سيبعث يكون مسكنه يثرب، فأكرمهم وعظَّم البيت بأن كساه، وهو أول من كساه، وكتب كتاباً وسلَّمه لرجل من أولئك الأحبار، وأوصاه أن يسلِّمه للنبي صلعم إن أدركه.
          فيقال: إنَّ أبا أيُّوب ☺ من ذرية ذلك الرجل، حكاه ابن هشام في «التيجان»، وأورده ابن عساكر في ترجمة تُبَّع.
          (فَلَمَّا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صلعم ) أي: إلى منزل أبي أيُّوب ☺ (جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ) أي: إليه (فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ قَدْ جِئْتَ بِحَقٍّ) وزاد في رواية حميد عن أنس ☺، كما سيأتي قريباً قبل «كتاب المغازي» [خ¦3938] أنَّه سأله عن أشياء، فلمَّا أعلمه بها أسلم ولفظه: فأتاه فسأله عن أشياء، فقال: إنِّي أسألك عن ثلاث لا يعلمهنَّ إلَّا نبي، ما أوَّل أشراط السَّاعة؟ وما أوَّل طعام يأكله أهل الجنَّة؟ وما بال الولد ينزعُ إلى أبيه، أو إلى أمه؟
          فلمَّا ذكر له جواب مسائله قال: أشهدُ أنَّك رسول الله، ثمَّ قال: إنَّ اليهود قومٌ بُهْت... الحديث.
          وقد تقدَّم حكاية أسولته في أوَّل «كتاب الأنبياء ‰» [خ¦3329].
          وعند البيهقيِّ من طريق عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن يحيى بن عبد الله عن رجل من آل عبد الله بن سلام عن عبد الله بن سلام قال: سمعتُ برسول الله صلعم ، وعرفت صفته واسمه، فكنت منتظراً لذلك حتى قدم المدينة، فسمعت به وأنا على رأسِ نخلةٍ، فكبَّرت فقالتْ لي عمتي خالدة بنت الحارث: / لو كنت سمعت بموسى ما زدتَ، فقلت: هو والله أخو موسى بُعث بما بُعث به، ثمَّ خرجتُ إليه فأسلمتُ، ثمَّ جئتُ إلى أهل بيتي، فأمرتهم فأسلموا، ثمَّ جئت رسول الله صلعم فقلت: إنَّ اليهودَ قومٌ بهتٌ.
          (وَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ، وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ) وفي الرواية الآتية قريباً: «قال: يا رسول الله إنَّ اليهود قومٌ بهتٌ» [خ¦3938] وسيأتي شرح ذلك ثمَّة (فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِيَّ) بتشديد الياء في الموضعين (مَا لَيْسَ فِيَّ) وفي الرواية الآتية عند أبي نُعيم: «بهتوني عندك» (فَأَرْسَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلعم ) أي: إلى اليهود (فَأَقْبَلُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ) أي: على رسول الله صلعم ؛ أي: بعد أن خبَّأ عبد الله بن سلام كما سيأتي بيانه. وفي رواية يحيى بن عبد الله: «فأدخِلْنِي في بعضِ بيوتك، ثمَّ سَلْهم عني، فإنهم إن علموا بذلك بَهَتوني وعابوني، قال: فأدخلني بعضَ بيوته».
          (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلعم يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، وَيْلَكُمُ، اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ حَقّاً، وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ، فَأَسْلِمُوا، قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ، قَالُوا لِلنَّبِيِّ صلعم ، قَالَهَا ثَلاَثَ مِرَارٍ قَالَ: فَأَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ؟ قَالُوا: ذَاكَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا) وفي الرواية الآتية: «خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا» [خ¦3938]. وفي ترجمة آدم: «أخيرنا» [خ¦3329] بصيغة أفعل. وفي رواية يحيى بن عبد الله: «سيدنا وخيرنا وعالمنا»، ولعلَّهم قالوا جميع ذلك، أو بعضه بالمعنى.
          (قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ قَالُوا: حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ، قَالُوا: حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ قَالُوا: حَاشَى لِلَّهِ مَاكَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ: يَا ابْنَ سَلاَمٍ) أي: قال النَّبي صلعم : «يا عبد الله بن سلام» (اخْرُجْ عَلَيْهِمْ) وإنما قال «عليهم» دون «لهم»؛ لأنَّه كان عدواً لهم بإسلامه ومفارقته إيَّاهم (فَخَرَجَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلعم وَأَنَّهُ جَاءَ بِحَقٍّ. فَقَالُوا: كَذَبْتَ) وفي رواية يحيى بن عبد الله: «فقالوا: كذبت، ثم وقعوا فيَّ» (فَأَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلعم / ) أي: من عنده. وفي رواية يحيى بن عبد الله: «فقلت: يا رسول الله، ألم أخبرك أنهم قوم بُهت أهلُ غدرٍ وكذبٍ وفجورٍ». وفي الرواية الآتية: «فتنقصوه، فقال: هذا ما كنت أخاف يا رسول الله» [خ¦3938].
          ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: «أقبل نبي الله صلعم إلى المدينة»، وإقباله إليها هو هجرته.
          والحديث من أفراده.


[1] في الفتح: سبعة أشهر.