نجاح القاري لصحيح البخاري

باب إسلام سلمان الفارسي

          ░53▒ (بابٌ إِسْلاَمُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ☺) مولى رسول الله صلعم ، وسُئل عن نسبه فقال: إنَّه سلمان ابن الإسلام. وقصَّته أنَّه كان مجوسياً فهرب من أبيهِ يطلب الحق، فلحقَ براهب، ثمَّ بجماعة رهابين واحداً بعد واحدٍ، يصحبهم إلى وفاته، ودلَّه الراهب الأخير على الذَّهاب إلى الحجاز، وأخبره بظهورِ نبي آخر الزَّمان، فقصده مع قوم من العرب، فغدروا به وباعوه في وادي القرى، ثمَّ اشتراه يهودي من بني قُرَيظة، فقدم به المدينة، فأقام مدَّة حتى دخلها رسول الله صلعم فأتاه بصدقة فلم يأكلها، ثمَّ أتى / بهدية فأكل منها، ثمَّ رأى خاتم النُّبوة، وكان الرَّاهب وصف له هذه العلامات الثَّلاث للنَّبي صلعم ، وأجلسه رسولُ الله صلعم بين يديه وأحدَثه بشأنه كله، فأسلمَ وصار من علماء الصَّحابة وزهَّادهم ♥ .
          رُوِيَ أنَّ رسول الله صلعم اشتراهُ على العتقِ، والمشهور أنَّه صلعم قال له: «يا سلمانُ كاتبْ عن نفسك» فكاتبَ على أن يغرسَ ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقيَّة من ذهب، فغرسَ رسول الله صلعم بيده المباركة الكل، وقال: «أعينوا أخاكُم» فأعانوه حتى أدَّى كله.
          وقال رسول الله صلعم : «سلمان منَّا أهل البيت» حين تنازعَ الأنصار والمهاجرون فيه، إذ قسم رسولُ الله صلعم حفر الخندق عليهم، فقال الأنصار: سلمان منَّا، وقال المهاجرون: سلمان منا. وولَّاه عمر ☺ العراق، وكان يعملُ الخوص بيده، ويأكلُ منه. وعاش مائتين وخمسين سنة بلا خلاف، وقيل: ثلاثمائة وخمسين، وقيل: إنه أدرك وصيَّ عيسى بن مريم ♂، ومات بالمدائن سنة ست وثلاثين.
          وقد مضى أيضاً كيفية إسلامه ومكاتبته في «كتاب البيوع»، في باب «الشراء من المشركين» [خ¦34/100-3458].