نجاح القاري لصحيح البخاري

باب انشقاق القمر

          ░36▒ (انْشِقَاقُ الْقَمَرِ) ويروى: <باب انشقاق القمر> بزيادة لفظة: «باب»، وذلك في زمن النَّبي صلعم معجزة له، وهي من أمهات معجزات رسول الله صلعم وآياته النَّيرة التي اختُصَّت به، إذ كانت معجزات سائر الأنبياء ‰ لم تتجاوز عن الأرضيات إلى السماويات، وقد نطق القرآن به قال تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر:1].
          ولقد زعم الفلاسفة بزعمهم الفاسد أن الفلكيات لا تقبل الخرقَ والالتئام، ونحن نقول: القمر مخلوق من مخلوقات الله تعالى يفعل فيه ما يشاء، كما يكوره في آخر أمره. وقيل: لو وقع هذا الأمر الغريب لاشترك أهل الأرض كلهم في معرفته ولم يختص بها أهل مكة.
          والجواب عنه: أن هذا الأمر وقع في اللَّيل ومعظم الناس نيام غافلون، / والأبواب مغلَّقة والسُّتور حاجبة وكيف ينكر هذه الغفلة والخسوف الذي هو مُعتاد مشهور، وكذلك الشُّهب العظام، وغير ذلك ممَّا يحدث في الليل يقع كثيراً ولا يتحدَّث به إلا آحاد الناس.
          وأيضاً قد يكون القمر حينئذٍ في بعض المنازل التي تظهر لبعضِ الآفاق دون بعض، كما يجد الكسوف أهل بلد دون بلد، والله على كلِّ شيء قدير.