نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إليَّ أن أجاهدهم فيك

          3901- (حَدَّثَنِي) بالإفراد (زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى) أي: ابن صالح بن سليمان بن مطر، أبو يحيى البلخي الحافظ الفقيه، وهو من أفراده، قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ) بضم النون، هو: عبدُ الله بن نُمير الخارفي الهَمْداني الكوفي (قَالَ هِشَامٌ) هو: ابنُ عروة بن الزبير (وَأَخْبَرَنِي أَبِي) أي: عروة (عَنْ عَائِشَةَ ♦ أَنَّ سَعْداً) هو: ابنُ معاذ الأنصاري الأوسي، مات بعد حُكْمِه في بني قريظة سنة خمس (قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ، مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ وَأَخْرَجُوهُ) وسيأتي أنَّ المراد بالقوم هم قريش (اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، وَقَالَ أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ) العطار البصري، وأبان: بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة وبالنون (حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ) أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ ♦ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا نَبِيَّكَ وَأَخْرَجُوهُ، مِنْ قُرَيْشٍ) يعني: أنَّ أبان بن يزيد / وافق ابنَ نُمير في روايته عن هشام لهذا الحديث، وأفصح بتعيين القوم الذين أبهموا وأنهم قريش. وزعم الدَّاودي: أن المراد بالقوم بنو قريظة وكانوا يهوداً أشد الناس عداوة للمؤمنين، كما وصفهم الله تعالى ودعا سعد لا يميته الله حتى تقرَّ عينه بهلاكهم، فاستجيب له وكان جرح في أكحله بنَبْلٍ، فنزلوا على حكمه فحكم بقتلِ المقاتلة وسَبي الذُّرية، ثمَّ انفجرَ أكحله فمات.
          ثمَّ قال الدَّاودي في الرواية المعلَّقة قوله: «من قريش» هذا ليس بمحفوظ. قال الحافظُ العسقلاني: وهو إقدام منه على ردِّ الروايات الصَّحيحة بالظَّن الخائب؛ وذلك أن في رواية ابن نُمير أيضاً ما يدلُّ على أنَّ المراد بالقوم قريش وإنما تفرَّد أبان بذكر قريش في الموضع الأوَّل وإلَّا فسيأتي في «المغازي» في بقية هذا الحديث من كلام سعد قال: «اللَّهمَّ فإن كان بقيَ من حرب قريشٍ شيء فأبقني له» الحديث [خ¦4122]، وأيضاً ففي الموضع اقتصر الدَّاودي على النظر فيه ما يدلُّ على أنَّ المراد قريش؛ لأنَّ فيه: «من قوم كذَّبوا رسولك وأخرجوه» فإنَّ هذه الصَّنيعة مختصة بقريش؛ لأنَّهم الذين أخرجوه، وأمَّا قريظة فلا.
          ومطابقة الحديث للترجمة تؤخذُ من قوله: «وأخرجوه»؛ أي: كانوا سبباً لخروجه من مكَّة إلى المدينة وخروجه هذا هو الهجرة.