نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث أسماء: حملت بعبد الله بن الزبير فخرجت وأنا متم

          3909- (حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى) أي: ابن صالح بن سليمان بن مطر اللُّؤلؤي البلخي الحافظ الفقيه، إمام مصنِّف في السُّنَّة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وهو من أفراده (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ) حمَّاد بن أسامة (عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ ♦: أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ) ويروى: <بعبد الله>بدون النَّسبة كان ذلك في مكة (قَالَتْ: فَخَرَجْتُ) أي: من مكة مهاجرةً إلى المدينة (وَأَنَا مُتِمٌّ) الواو للحال، ومعنى «متمٌّ»: أتممْتُ مدَّة الحمل الغالبة، وهي تسعة أشهر، ويُطلق «متم» أيضاً على من ولدت لتمام (فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ، فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ) ولم يكن هذا إلَّا بعد تحوُّل النَّبي صلعم من قباء.
          (ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلعم ) وذلك بالمدينة (فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ) بفتح الحاء وكسرها (ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ) بفتح المثناة الفوقية وبالفاء (فِي فِيهِ) أي: في فمه (فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صلعم ، ثُمَّ حَنَّكَهُ) من حنَّكتُ الصَّبي: إذا مضغتَ تمراً، أو غيره، ثمَّ دَلكته بحنكهِ (بِتَمْرَةٍ، ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ) أي: دعا له بالبركة، وقال: باركَ الله فيكَ، أو اللَّهم بارك فيه (وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلاَمِ) أي: كان عبدُ الله بن الزبير ☻ أوَّل مولودٍ ولد في الإسلام بالمدينة من المهاجرين لا مطلقاً، وأمَّا من وُلِدَ بغيرِ المدينة من المهاجرين، فقيل: عبد الله بن جعفر بالحبشة، وأمَّا من الأنصار بالمدينة فكان أوَّل مولود ولد لهم بعد الهجرة مسلمة بن مخلد، كما رواهُ ابن أبي شيبة، وقيل: النُّعمان بن بشير.
          وفي الحديث: أنَّ مولد عبد الله بن الزُّبير ☺ كان في السنة الأولى، وهو المعتمدُ، بخلاف ما جزم به الواقدي، ومن تبعه بأنَّه ولد في السنة الثانية بعد عشرين شهراً من الهجرة. ووقع عند الإسماعيليِّ من الزِّيادة من طريق عبدِ الله بن الرُّومي عن أبي أسامة بعد قوله: «في الإسلام»، ففرحَ المسلمون فرحاً شديداً؛ لأنَّ اليهود كانوا / يقولون: قد سحرناهُم فلا يُولد لهم.
          وأخرج الواقديُّ ذلك بسند له إلى سهلِ بن أبي حثمة. وجاء عن أبي الأسود عن عروة نحوه، ويردُّه أن هِجْرة أسماء وعائشة وغيرهما من آل الصِّدِّيق ♥ كانت بعد استقرار النَّبي صلعم بالمدينة، فالمسافة قريبة جداً لا تحتمل تأخر عشرين شهراً، بل ولا عشرة أشهر.
          (تَابَعَهُ) أي: تابعَ زكرياء بن يحيى (خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح اللام، القطواني ينسب إلى التَّشيع. وقال أحمد وغيره: له مناكير، مات سنة ثلاث عشرة ومائتين.
          (عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ) بلفظ الفاعل من الإسهار، هو أبو الحسن قاضي الموصل الكوفي الحافظ المحدِّث الفقيه، مات سنة سبع وثمانين ومائة.
          (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ ♦: أَنَّهَا هَاجَرَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلعم وَهْيَ حُبْلَى) وأخرج الإسماعيلي هذه المتابعة من طريق عثمان بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد بهذا السند، ولفظه: «إنها هاجرت وهي حبلى بعبد الله فوضعته بقباء، فلم ترضعه حتى أتت به النَّبي ╧» نحوه، وزاد في آخره: «ثمَّ صلى عليه» أي: دعا له، وسمَّاه: عبد الله.
          ومطابقة الحديث للترجمة باعتبار جزئها الثاني، وهو قوله: «وأصحابه» أي: وهجرة أصحابه.