نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: كيف آخى النبي بين أصحابه

          ░50▒ (باب كَيْفَ آخَى النَّبِيُّ صلعم بَيْنَ أَصْحَابِهِ) قال ابنُ عبد البر: كانت المؤاخاة مرَّتين مرَّة بين المهاجرين خاصَّة، وذلك بمكَّة، ومرَّة بين المهاجرين والأنصار وهي المقصودة هنا. وقال ابنُ سعد: آخى بين مائة منهم خمسون من المهاجرين، وخمسون من الأنصار، وقيل: كان كلُّ فريق منهم خمسة وأربعين نفساً، وكان ذلك قبل بدر في دار أنس ☺ بخمسة أشهر، وتقدَّم / بيان المراد به.
          وقد سرد ابنُ إسحاق أسماء كثيرة من المهاجرين والأنصار ممَّن آخى بينهم النَّبي صلعم ، وعدَّة من ذكره اثنان وثلاثون رجلاً. وروى أحمدُ من طريق عَمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال: كتب النَّبي صلعم كتاباً بين المهاجرين والأنصار. وعند أبي سعد في «شرف المصطفى»: آخى بينهم في المسجد.
          وروى الحاكم من طريق جُمَيع بن عُمير عن ابن عمر ☻ قال: آخى النَّبي صلعم بين أبي بكر وعمر، وبين طلحة والزُّبير، وبين عثمان وعبد الرَّحمن بن عوف ♥ ، فقال علي ☺: يا رسولَ الله إنَّك آخيت بين أصحابك فمَن أخي؟ قال: «أنا أخوك». وفي «زيادات المغازي» عن يونس بن بُكير عن المسعودي عن القاسم قال: آخى رسولُ الله صلعم بين أصحابه أخوة كانوا يتوارثون بها، حتى أنزلَ الله تعالى آية الميراث.
          وسيأتي في «الفرائض» إن شاء الله تعالى حديث ابن عبَّاس ☻ : كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجري الأنصاري دون ذوي رحمه للأخوة... الحديث [خ¦4580].
          (وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ☺: آخَى النَّبِيُّ صلعم بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ) ضدُّ الخريف (لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ) وهو طرفٌ من حديث وصله بتمامهِ البخاري في «البيوع»، في أوَّل باب من أبوابه [خ¦2048]، وفي «فضائل الأنصار» [خ¦3780]. وغَفَل عماد الدِّين ابنُ كثير فاستغربه، بل أنكرهُ فقال فيه: عبد الرَّحمن بن عوف لا يُعرف مستنده إلَّا عن أنس.
          ثمَّ قال: لعلَّ البخاري أراد أنَّ أنساً حمله عن عبد الرَّحمن بن عوف. وقال الحافظُ العسقلاني: وطريق عبد الرَّحمن الموصولة من غير طريق أنس.
          (وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ) بضم الجيم وفتح الحاء المهملة وسكون التحتية وبالفاء، اسمه: وهب بن عبد الله السَّوائي، وهو من صغار الصَّحابة، قيل: مات رسول الله صلعم ، وهو لم يبلغ الحلم، نزل الكوفة، وابتنى بها داراً، مات سنة أربع وسبعين.
          (آخَى النَّبِيُّ صلعم بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ☻ ) وهو طرفٌ من حديث وصله البُخاري / بتمامهِ في «كتاب الصِّيام»، في باب «من أقسمَ على أخيه» [خ¦1968]. والغرض من ذكر هذين التَّعليقين التَّنبيه على تسميةِ من وقع الإخاء بينهما من المهاجرين والأنصار، وكذا من ذكر الحديث الموصول.
          ولمسلم من طريق ثابت عن أنس ☺: آخى النَّبي صلعم بين أبي طَلحة وأبي عبيدة ☻ . وتقدَّم في «الإيمان» حديث عمر ☺: كان لي أخٌ من الأنصار، وكنَّا نتناوبُ النُّزول [خ¦89].
          وذكر ابنُ إسحاق: أنَّه عتبان بن مالك ☺، وكان أبو بكر الصِّدِّيق وخارجة بن زيد ☻ أخوين فيما ذكره ابنُ إسحاق أيضاً.