إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: واعجباه لوبر تدلى من قدوم الضأن

          4237- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بنُ عُيينة (قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ) محمد بن مسلم ابنِ شهابٍ (وَسَأَلَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ) بنِ عمرو بنِ سعيد بن العاصِ الأموِيُّ، والجملة حاليَّةٌ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ) بفتح العين المهملة والموحدة بينهما نون ساكنة والسين مهملة، عمُّ والدِ إسماعيلَ: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ☺ أَتَى النَّبِيَّ صلعم فَسَأَلَهُ) وهو بخيبرَ أن يُعطيهِ من غنائمِ خيبر (قَالَ لَهُ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ العَاصِ) هو أبانُ بن سعيدٍ: (لَا تُعْطِهِ يَا رَسُوْلَ اللهِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: هَذَا) يعني: أبان بن سعيدٍ(1) (قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ) بقافين مفتوحتين بينهما واو ساكنة آخره لام بوزن جعفر، اسمهُ: النُّعمان بن مالك بنِ ثعلبةَ بن أصرم _بصاد مهملة_ بوزن أحمد(2) الأنصاريُّ الأوسيُّ، وقوقل: لقبُ ثعلبة، أو لقب أصرم. ابن قوقل الأنصاري السَّالمي، قُتل يوم أُحد شهيدًا، قتله أبانُ بن سعيد قبل أن يُسلم(3).
          (فَقَالَ) أبانُ بن سعيد: (وَاعَجَبَاهْ)‼ بهاء ساكنة آخره، اسمُ فعلٍ، بمعنى: أعجب (لِوَبْرٍ) بلام مكسورة فواو مفتوحة فموحدة ساكنة فراء، دُوَيْبة تشبه السِّنَّور، تسمَّى غنم بني إسرائيل (تَدَلَّى) بمعنى: انحدرَ علينا (مِنْ قَدُومِ الضَّأْنِ) بفتح القاف وضم الدال المخفَّفة، و«الضَّأن» بالضاد المعجمة بعدها همزة، اسم جبلٍ بأرضِ دَوْسٍ قوم أبي هريرة، وأرادَ أبانُ بذلك تحقيرَ أبي هريرة، وأنَّه ليس في قدرِ من يشير بعطاءٍ ولا منع.
          4238- (وَيُذْكَرُ) مبنيٌّ للمفعول بصيغة التَّمريض (عَنِ الزُّبَيْدِيِّ) بضم الزاي وفتح الموحدة، محمَّدِ بنِ الوليدِ، ممَّا وصله أبو داود وغيره (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بنِ مسلم ابنِ شهابٍ، أنَّه(4) (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ) ☺ حال كونه (يُخْبِرُ سَعِيدَ بْنَ العَاصِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلعم أَبَانَ) بنَ سعيدٍ (عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ المَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ) بكسر القاف وفتح الموحدة، أي: ناحيةَ نجدٍ. قال ابنُ حجر: لم أعرف حال هذه السَّريَّةِ (قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَدِمَ(5) أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صلعم ) حال كونه (بخَيْبَرَ بَعْدَمَا افْتَتَحَهَا، وَإِنَّ حُزُمَ خَيْلِهِمْ) بضم الحاء المهملة والزاي، وبسكونها في «اليونينية»، جمع: حزَام (لَلِيفٌ) بلام التَّأكيد، والرَّفع خبر «إنَّ»، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ ”اللِّيف“ بتشديد اللام بدون لام التَّأكيد (قَالَ أَبُو / هُرَيْرَةَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَا تَقْسِمْ لَهُمْ) لأبان ومن معه(6) (قَالَ أَبَانُ: وَأَنْتَ بِهَذَا) المكانِ والمنزلة من رسول الله صلعم مع أنَّك لست من أهلهِ ولا من قومهِ ولا من بلادهِ (يَا وَبْرُ تَحَدَّرَ مِنْ رَأْسِ ضَأْنٍ) جبل، و«تحدَّر» بلفظ الماضي على طريقِ الالتفاف(7) من الخطاب إلى الغيبة، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ وابنِ عساكرٍ ”ضالٍ“ بلام مخففة بدل النون من غير همز. قال في «فتح الباري»: قيل: وقع في إحدى الطَّريقين ما يدخلُ في قسم المقلوبِ، فإنَّ في رواية ابن عُيينة أنَّ أبا هريرة السَّائل أن يُقسَم له، وأنَّ أبان هو الَّذي أشار بمنعهِ، وقد رجَّح الذُّهليُّ رواية الزُّبَيديِّ، ويؤيِّد ذلك قوله: (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : يَا أَبَانُ(8)، اجْلِسْ. فَلَمْ) ولأبي ذرٍّ ”ولم“ (يَقْسِمْ لَهُمْ) قال: ويحتملُ أن يجمع بينهما بأن يكون كلٌّ من أبان وأبي هريرة أشارَ أن لا يقسمَ للآخر، ويدلُّ عليه: أنَّ أبا هريرةَ احتجَّ على أبانَ بأنَّه قاتلُ ابن قوقل، وأبان احتجَّ على أبي هُريرة بأنَّه ليس ممَّن له في الحرب يدٌ يستحقُّ بها النَّفل، فلا قلب.
          (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) المؤلِّف: (الضَّال) باللَّام، هوَ (السِّدْرُ) زاد أهل اللُّغةِ: البرِّي، وهذا ثابتٌ لأبي ذرٍّ عن المُستملي، ساقطٌ لغيره(9).


[1] قوله: «لا تعطه يا رسول الله، فقال أبو هريرة: هذا يعني أبان بن سعيد»: ليست في (ص).
[2] قوله: «اسمه النُّعمان بن مالك بنِ ثعلبةَ بن أصرم بصاد مهملة بوزن أحمد»: ليست في (م).
[3] قوله: «ابن قوقل الأنصاري... قبل أن يسلم»: ليست في (س) و(ص).
[4] «أنه»: ليست في (ب).
[5] في (د): «قدم».
[6] في (ص) و(م) زيادة: «يا رسول الله».
[7] في (د): «الالتفات».
[8] «يا أبان»: ليست في (ص).
[9] في (د): جاءت هذه الجملة قبل لفظ: «قال في فتح الباري» السابقة.