إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: التقى النبي والمشركون في بعض مغازيه فاقتتلوا

          4207- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) القعنبِيُّ قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ) عبدُ العزيزِ (عَنْ أَبِيهِ) أبي حازم سلمةَ بنِ دينار (عَنْ سَهْلٍ) أي: ابن سعدٍ السَّاعديِّ الأنصاريِّ، أنَّه (قَالَ: التَقَى النَّبِيُّ صلعم وَالمُشْرِكُونَ) من يهودِ خيبر (فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ) يعني(1): خيبر (فَاقْتَتَلُوا، فَمَالَ كُلُّ قَوْمٍ) من المسلمين واليهود (إِلَى عَسْكَرِهِمْ) أي: رجعوا بعد فراغ القتال في ذلك اليوم (وَفِي المُسْلِمِينَ رَجُلٌ) اسمه: قُزْمان (لَا يَدَعُ مِنَ المُشْرِكِينَ) نسمةً (شَاذَّةً) انفردت(2) عنهم بعد أن كانت معهم (وَلَا فَاذَّةً) منفردةً لم تكن معهم قبل (إِلَّا اتَّبَعَهَا) بتشديد الفوقية (فَضَرَبَهَا بِسَيْفِهِ) فقتلها (فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَجْزَأَ) منَّا(3) (أَحَدٌ) ولأبي الوقت ”أحدهم“ (مَا أَجْزَأَ فُلَانٌ) بالجيم والزاي فيهما (فَقَالَ) ╕ : (إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقَالُوا: أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ إِنْ كَانَ هَذَا) مع جِدِّه وجهاده (مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ) اسمه: أكثمُ بنُ أبي الجَوْن: (لأَتَّبِعَنَّهُ، فَإِذَا أَسْرَعَ) المشيَ (وَأَبْطَأَ) فيه (كُنْتُ مَعَهُ، حَتَّى جُرِحَ) جرحًا شديدًا فوجد ألم الجراحةِ (فَاسْتَعْجَلَ(4) المَوْتَ، فَوَضَعَ نِصَابَ سَيْفِهِ) أي: مقبضَه ملتصِقًا (بِالأَرْضِ، وَذُبَابَهُ) طرفه (بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ) اتَّكأ (عَلَيْهِ(5) فَقَتَلَ نَفْسَهُ).
          وعند الواقديِّ: أنَّ قُزمان كان تخلَّف عن المسلمين يوم أُحُد، فعيَّره النِّساء، فخرج حتَّى صار في الصَّفِّ الأوَّل، فكان أوَّل من رمى بسهمٍ، ثمَّ صار إلى السَّيف ففعلَ العجائبَ، فلمَّا انكشف(6) المسلمون كسر جفنَ سيفه وجعل يقول: الموت أحسنُ من الفرار، فمرَّ به قتادة بن النُّعمان فقال له: هنيئًا لك الشَّهادة. قال: إنِّي والله ما قاتلت على دينٍ، إنَّما قاتلت على حسَب قومِي، ثمَّ أقلقتْه(7) الجراحةُ فقتلَ نفسه. لكن قوله: «يوم أُحد»، خالف فيه، وهو لا يحتجُّ به إذا انفردَ، فكيف إذا خالفَ؟ نعم في حديث أبي يَعلى الموصلِيِّ تعيين يوم أُحد، لكنَّه ممَّا وقع الاختلاف فيه على الرَّاوي كما مرَّ.
          (فَجَاءَ الرَّجُلُ) أي: الَّذي اتبعه (إِلَى النَّبِيِّ صلعم ، فَقَالَ: أشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ. فَقَالَ(8): وَمَا ذَاكَ؟ فَأَخْبَرَهُ) بقتل قُزمان نفسَه (فَقَالَ) ╕ : (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ / الجَنَّةِ _فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ_ وَإِنَّهُ مِنْ) ولأبي ذرٍّ ”لمِنْ“(9) (أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ _فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ_ وَهْوَ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي ”وإنَّه“ (مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ).


[1] في (ص): «هي».
[2] في (د): «منفردة».
[3] «منا»: ليست في (ص).
[4] في (ص): «واستعجل».
[5] «عليه»: ليست في (د).
[6] في (د): «انكسر».
[7] في (ص): «أقلصته».
[8] في (ص): «قال».
[9] قوله: «ولأبي ذر لمن»: ليست في (م).